.gif)
الا رسول الله ( دراسات اعلامية )
- - - - - - -
www.dream-cafeh.net
- - - - - - -
إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
دراسات إعلامية
صدى الإساءة الدنماركية لمحمد خير البرية في الصحافة المصرية
الفصل الأول
ثورة الغضب تشتعل في العالَم العربي والإسلامي
اشتعلت مظاهر الغضب والاستنكار في كل أنحاء العالَم العربي والإسلامي، وفزع المسلمون على اختلاف ألوانِهم وألسنتهم، حين نَشَرَتْ صحيفة دنماركية (يولاندز بوستن) رسومًا كاريكاتيرية تُسيء فيها إلى مقام النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - واشتد الغضب والمظاهرات، وحملات الرفض والاستنكار والمقاطعة، حين أعادتْ نشر هذه الرسوم صحفٌ أوربية غربية أخرى، لدرجة وصلت إلى حدِّ الأزمة.
ولقد نقلت الصحافة المصرية كل مظاهر الاحتجاج، وتداعيات هذه الأزمة، وتفاعلت مع الجماهير في كلِّ مكان، وعبَّرت عن آلامهم، وآمالهم وغضبهم، وكانت ساحة للحوار والنقد والتفنيد والتسجيل لكلِّ ما دار حول هذه الأزمة.
وقفت الصحف المصرية تذود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مُواجهة هذه البذاءات الحقيرة، ليس بحثًا عن سبق صحفي مهني، بل دفاعًا عن عقيدة استبيحت في دوائر الغرْب، وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن مشاعر مليار ونصف من المسلمين التي أهِينَتْ، على مدى أسابيع بل شهور وقفت الصحف المصرية تدافع بكل ما تملك للرد على الذين داسوا على كل المقدَّسات، وأعلنوا صراحةً عداءَهم للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ولأمة الإسلام ومقدساته وثوابته، وهذا ما يتضح في هذه الدراسة.
بداية الأزمة
بدأت هذه الأزمة منذ سبتمبر 2005م؛ حيث كان أحد المؤلفين الدنماركيين قد أرْسل رسالة إلى رئيس تحرير صحيفة (يولاندز بوستن)، وهي من أكبر الصحف في الدنمارك، يقول فيها: إنه قد قام بتأليف كتابٍ عن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - ويحتاج إلى بعْض الرسومات لنشْرها في الكتاب، لكنه فوجِئ برفْض بعض الفنانين لرسْم النبي؛ خوفًا من ردِّ فعل المسلمين.
وقد نشر رئيس التحرير هذه الرِّسالة، وكتب يقول: إنه لا شيء فوق حرية الصحافة، ودعا إلى مسابقة بين 24 من الرسامين في نقابة الرسامين بكوبنهاجن، للمشاركة في رسْم الرسومات المطلوبة، ولم يشتركْ سوى 12 رسامًا فقط، قدَّموا رسوماتهم التي فجَّرَتْ غضب المسلمين في كل بقاع الأرض.
نشرت هذه الجريدة - اليمينية التوجه، وصاحبة أكبر توزيع لصحيفة يومية دنماركية - 12 رسْمًا كاريكاتيريًّا لرسْم ما يُتصوَّر أنه نبي الإسلام في سبتمبر 2005م، وبالطبْع كانت هذه محاولة جس نبض أو قياس لمدى انتشار مفهوم الرقابة الذاتية، التي ثارت حولها كل هذه الضجة.
نشرتْ هذه الرسوم في ملخص الجريدة الثقافي، بعيدًا عن نشر أية صور، أو حتى التنويه عن الموضوع على غلاف الجريدة، وقد نشر المقال بعنوان: "وجوه محمد"، وحمل تصميم الصفحة 12 رسمًا ملوَّنًا تحيط بمقال صغير يحمل هذه المعاني: إن بعض المسلمين يرفضون المجتمع المدني المعاصر، حيث يجب أن يستعد الإنسان دومًا لتحمُّل السُّخرية والاستهزاء والنقْد، ولا يعني هذا أن المشاعر الدِّينية يجب أن تجرحَ على الدوام، ولكننا لا نعرف حقًّا إلى أين تتجه بنا الرقابة الذاتية، هل سيستمر خنْق الإبداع بسبب الخوف أو لا؟
أما مضمون الصور وأشكالها كما رسمها الكاريكاتير الدنماركي، فهي كالآتي:
1- رسم صورة فيها نجمة خماسية إسلامية خضراء هي محل عينه اليمنى، بينما لحيته هلال أخضر اللون؛ ليكون مع النجمة الشعار الإسلامي الشهير.
2- رسم صورة شخص يلبس عمامة أعلاها قنبلة على وشك الانفجار، كتب على القنبلة الجزء الأول من عبارة (لا إله إلا الله).
3- رسم صورة أسطورية من ألف ليلة وليلة لشخص يحمل فوق رأسه علامة القديسين غير مكتملة، تشكل هلالين صغيرين يحاولان الوصول إلى بعضهما، وهي تشبه القرون فوق الرأس (يريدون بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - يحاول صنع هالة مقدسة، ولكنه لا يستطيع).
4- رسم كروكي لنساء محجبات يتكون وجه كلِّ منهن من نجمة داود الخماسية، يكتب أمامها تعليق يُفيد أنه مجنون يضطهد النِّساء ويحبسهن.
5- رسْم صورة لشخص يلتفت يمينًا ويسارًا، يتصبب عرقًا من الخوف.
6- رسم صورة لرجل بدوي يسير في الصحراء في يده اليُمنى عصاه، ويجر حيوانًا في يده اليُسرى.
7- رسْم صورة لشخْص يقف في السماء، ويحاول منع انتحاريين نفذوا عملياتهم للتو؛ أملاً في دخول الجنة، متعللاً بنفاد الفتيات العذارى من الجنة.
8- رسم صورة لشخص فوق رأسه عمامة أعلاها برتقالة.
9- رسم صورة رجل عنيف يحمل خنجرًا، ويحرس امرأتين منتقبتَيْن.
10- رسم صورة شخص يبدي نوعًا من السخرية لردود أفعال الآخرين، وكذلك الرسوم الأخرى التي يصور فيها أشخاصٌ بشكل بشع، كأنهم يعيشون في القرون الوسطى.
وعندما بدأت الصحيفة نشْر هذه الرسومات، بدأ عدد من السفراء العرب في التحرك، واجتمعوا بشكل غير معلن، واتفقوا على القيام بخطوة جماعية، ولم يقتصر الأمر على السفراء العرب، بل كان معهم سفراء دول إسلامية، مثل: تركيا والبوسنة، وقرَّروا توجيه خطاب إلى أندروز فوج راسموسن رئيس وزراء الدنمارك.
وفي هذا الخطاب لفت سفراء الدول الإسلامية نظر رئيس الوزراء الدنماركي إلى خطورة هذه الرسومات المسيئة على مشاعر المسلمين، وأشاروا له أن هذه الرسومات لم تكن الأولى ضد الإٍسلام، بل إن هناك اتجاهًا عدائيًّا متناميًا تجاه المسلمين.
كما ذكروا ما أذاعته محطة راديو (هولجر) الدنماركية من تصريحات عنصرية ضد المسلمين، وقد طلب هؤلاء السفراء مقابلة رئيس الوزراء الدنماركي؛ لمُناقَشة هذا الموضوع، وفتح حوار حوله، وحذروه من أن هذه الرسومات لو وصلت إلى الشارع الإسلامي، سوف تحدُث ردود فعل خطيرة، وتثير مشاعر المسلمين، وكان ردُّ رئيس الوزراء على السفراء العرب بقوله: إنه لا يستطيع اتخاذ أية خطوة ضد حرية الصحافة في الدنمارك.
كيف اشتعلتِ الأزمةُ وتفجَّرت؟
اشتعلتِ الأزمة وتفجرت حينما أعيد نشر هذه الرسوم البذيئة في صُحُف دنماركية في فبراير 2006، وصحف أوربية أخرى نشرت نفس هذه الرسوم، منها صحيفة فرانس سوار الفرنسية، وصحيفة بليك السويسرية، وغيرها في إيطاليا، وألمانيا، والمجر، والنرويج، وقد بدأت الجاليات الإسلامية، وخاصة الجالية الإسلامية في الدنمارك في السعْي للحُصُول على تأييد الدول الإسلامية، وسافر منهم وُفُود إلى هذه الدول، ومنها مصر، يحملون ملفات لهذه الرسوم البذيئة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورُسُومات أخرى لم تنشرْ، منها: رسومات تصور الرسول - صلى الله عليه وسلم - على شكل خنزير، وقاموا بإرسال هذه الصور إلى المراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وبدأت الرسوم تظهر في مواضع الصُّحف الأوربية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وقامت بعض الصُّحُف العربية بنشر بعض هذه الرسوم مما أجج المواقف وأشعل الأزْمة.
لكن بعد هذا العَرْض وهذه المقدِّمة، ما هي أصداء ردود الفعل في الصحافة المصرية تجاه هذه الرسوم المسيئة للنبي - صلى الله عليه وسلم؟
هذا ما يجيب عنه البحث في صفحاته التالية:
لقد نقلت الصُّحف أخبار التظاهُرات في كافة أرجاء الدول الإسلامية من إندونيسيا، وفِلَسطين، وتركيا، ومصر... إلخ، وتابعت بالكلمة والصورة ثورة الغضب، التي اجتاحت العالم الإسلامي ضد الرسوم المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وقدمت ما قام به المتظاهرون من نداءات واحتجاجات وثورات أطاحت بمبنى السفارة الدنماركية في بعض البلاد الإسلامية؛ كـ: بيروت، ودمشق. (الأهرم والأخبار 3 فبراير 2006).
كانت موْجات الغَضَب الشعبيَّة قد عمَّتْ عواصم الدول الإسلامية والعربية، وكان أشدها في فِلَسْطين؛ حيث اعتصم مسلحون فِلَسْطينيون أمام مقرِّ الاتحاد الأوربي في غزة، وهدَّدوا بإغلاقه؛ احتجاجًا على الرُّسوم الكاريكاتيرية التي تُسيء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهددتْ لجان المقاوَمة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى بهدْر دم رعايا النِّرْويج في عدد من الدول العربية والإسلامية، وخاصة بعد قيام عدد من الصُّحُف الأوربية في فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، وإيطاليا، بإعادة نشْر هذه الرسوم في شَكْلْ مِن أشكال التحدِّي السافر.
كما نشرت الصحف المصرية رُدُود فعل المظاهرات الغاضبة التي خرجتْ في مدينة القاهرة من أمام الجامع الأزْهر وفي الإسكندرية؛ احتجاجًا واستنكارًا لحملة الإساءة للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - والإسلام، وقد ندَّد فيها المتظاهرون بتلك الرُّسوم المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأَكَّدُوا رفضهم لكلِّ أنواع التعاون مع تلك الدول التي أساءَتْ للرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسها الدنمارك، كما جدَّدوا الدعوات لِمُقَاطعة البضائع والسلع الدنماركية، وكل الدول التي تُسيء إلى الإسْلام والمسلمين.
وقدمت الصحافة المصرية التقارير الصحفية والصور للمتظاهرين في كافَّة أرجاء العالَم الإسلامي، وعكست الصحافة نبض الشارع المسلم، ونقلت كافة مظاهر الاحتجاج في العواصم العربية، وفي غيرها من المدن الكبرى، وفي الأندية والنقابات والهيئات والجماعات. (أخبار اليوم 4 فبراير 2006).
وقد قامت جريدة الجمهورية في 3 فبراير 2006 بحمْلة واسعة النِّطاق لمقاطعة السلع الدنماركية؛ ردًّا على التطاول البَذِيء على شخص النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وتجاوب معها الشارع المصري، كما ترددتْ صدى حملة المقاطعة إلى كافَّة الدول العربية، وأشاد الجماهيرُ والمفكرون والفئات المختلفة أن الحملة تطبيقٌ عملي وواعٍ لِدَوْر الصحافة في المجتمع، والحِفاظ على القِيَم، وأنّ أُسْلُوبها الحضاري قوة ردْع هائلة لمن يُفَكِّرون الآن، وفي المستقبل في الخروج على القواعد الأخلاقية، وأُسُس ومبادئ القانون الدولي في احترام الأديان، وطالَبَ الجماهير بالإعلان عن أسماء المنتجات الدنماركية، وتوسيع قاعدة المقاطَعة إلى السِّلَع الفرنسية، والإنجليزية، والإسرائيلية أيضًا، كردِّ فِعْل قويٍّ ضد الهَجَمات التي تُسيء إلى الإسلام.
وأمام ضغْط الاحتجاجات والمظاهرات، وأحداث العنف، والمقاطعة للسلع الدنماركية التي عمَّت البلاد الإسلامية، اضطرت الجريدة الدنماركية إلى تقديم اعتذار على لسان رئيس تحريرها على شبكة الإنترنت، وقد نشرتْه جريدة الأهرام في عددها الصادر في 7 فبراير 2006 على صفحة كاملة جاء فيه:
"إن الصحيفة الدنماركية يولاندز بوستن تؤمن بحريَّة الانتماء الديني، وتحترم كل فرد، وتعتذر عن سوء التفاهم الكبير، الذي حصل حول الرسومات التي شبَّهت الرسول الكريم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأدتْ إلى نمو مشاعر العداء للدنمارك والدنماركيين، كما ذكر رئيس تحرير الصحيفة كارسين بوسته: أن هذه الرسوم الـ12 لم يكن القصْد منها النَّيْل مِن شخصية النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بتاتًا، أو الحَطّ من قيمتِه، بل كانت مدْخلاً للحوار حول حرية التعبير عن الرأي، ونحن لم ندركْ حساسية المسألة للمسلمين؛ لكن هذه الرسومات أساءَتْ - كما يبدو - إلى ملايين المسلمين في كلِّ أنحاء العالَم؛ ولذلك نُقَدِّم أسفنا العميق واعتذارنا؛ لأن هذا بعيد كل البُعد عن قصْد الصحيفة".
كما قدَّمت الحكومة الدنماركية اعتذارها، وأنها تحترم الإسلام أحد الأديان الرئيسة في العالَم، وأن النبي محمدًا مِن الشخصيات الدِّينية العظيمة في تاريخ البَشَر، وليس للحكومة الدنماركية أية رغبة أو جدول أعمال لإهانة المسلمين، أو التهكُّم عليهم، أو التصرُّف بقلة احترام بأية طريقة أخرى، وأن حرية ممارسة الأديان في الدنمارك ممنوحة للجميع، وأن الدنمارك لها علاقات وديَّة مع العالَم الإسلامي ترغب الحكومة في تقْويتها في المستقبل.
ولكن مع هذا الاعتذار لَم تَتَوَقَّف الاحتجاجات والمظاهَرات والتنْديدات في معظَم البلاد الإسلاميَّة؛ بدليل الأنباء والتقارير الصحفيَّة التي قدمت بعد هذا التاريخ لتواصُل المظاهرات والاحتجاجات، وأعمال الشَّغَب، وحملات المقاطَعة.
ولقد حاولت الصُّحُف المصرية بكافة اتجاهاتها ومستوياتها تفعيل المقاطعة، ونقل نبْض الجماهير، وما يدور في الشارع المصري والعربي والإسْلامي، ونشرت أسماء السِّلَع والمنتجات الدنماركية التي يجب مقاطعتها، والتعليقات والصور والرسوم التي كُتِبَتْ على محلات السوبر ماركت؛ مثل: شاركونا في مقاطعة السِّلَع الدنماركية، وألهبتْ حماس الجماهير، وشجَّعَتْهم على مُوَاصَلة المقاطَعة[1].
كما عكست الصُّحُف المصرية مظاهر الاحتجاج التي تجددت في مصر والعالَم الإسلامي، كردِّ فعل على نشْر الصور المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ونقلتْ ما بثتْه وكالات الأنباء العالَمية عن خُرُوج آلاف المصلين في شوارع ماليزيا، وإندونيسيا، واليمن، وغيرها، بعد صلاة الجمعة، 10 فبراير 2006؛ للمُطَالَبة بمعاقبة الدنمارك، وكل المسؤولين عن نشْر هذه الرسوم[2].
يقول صلاح منتصر في عموده "مجرد رأي": نعم من حقِّنا أن نقاطع السِّلَع الدنماركية، وسلعًا لدول أخرى، فالمقاطَعة سلاح مشروع ومعتَرف به دوليًّا، ومن الطبيعي أن نغضبَ ونثور على ما تَتَعَرّض له مقدساتُنا الدِّينية من تطاوُلات[3].
وأكدتْ صحيفة الجمهورية على المقاطَعة الشعبية للمنتجات الدنماركية؛ حيث تعدُّ سلاحًا حضاريًّا ناجحًا للانتصار لديننا وقضايانا، وأشارتْ أنه لا يستطيع أَحَد أن يلومَنا عليه، أو يتذرع بالاتِّفاقات التجارية الدولية، ليَثنينا عن عزْمنا، ولكي تكون المقاطعة سلاحًا فعالاً لا بدَّ أن تكون ذكية، ورشيدة، ومحسوبة، حتى نبتعدَ عن الشركات والصناعات المصرية، حتى ولو كانت تحمل أسماء أو علامات تجارية لهذه الشَّركات الأجنبية، فلا شك كما يشير أ. مصطفى زكي - رئيس شعبة المستوردين باتِّحاد الغُرَف التجارية -: أن مقاطعة دولة ما من قبل عشرات الدول الإسلامية مجتمعة، تضم مليارًا وربعًا من البشر - أي: 20 % من سكان الأرض - تمثِّل كارثة اقتصادية على الدَّولة المقاطَعة.
ويؤكد د/حمدي عبدالعظيم - أستاذ الاقتصاد - أنه لا بدَّ من استخدام سِلاح البترول، ومنْع صادراته إلى الدنمارك أو النرويج، أو أية دولة تُعيد نشر هذه الرسوم المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وشدد على أن تكون المقاطَعة الشعبية متحضرة ومنظمة للدِّفاع عن الدين والقضايا الوطنية، وهي تُغني عن أعمال العنف؛ مثل: حرق السفارات، والأعمال الأخرى غير الحضارية، التي تُسيء إلى صورة المسلمين في العالَم، وتؤلِّب عليهم الشعوب الأخرى، فهذه المقاطعة لو نجحتْ ستُثبت للعالم أن المسلمين أقوياء، ولديهم أوراق وأسلحة فعَّالة لمسانَدة قضاياهم[4].
وصَرَّحَ شيخُ الأزهر باسْم المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف عن مقاطعة جميع الدول المسيئة للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأدْيان، بالإضافة إلى مقاطَعة الدول التي رضيت بما فعله الغربيون؛ لأنَّ مقاطعتها فرض علينا؛ لأننا نحب نبيَّنا، وهذا أبسط تعبير[5].
ويبدو أن سلاح المقاطعة كان أكثر الأسلحة لمواجَهة هذه الأزمة، فلقد أدَّت المقاطعة إلى إغلاق وتشريد 30 ألف موظف، واضطر صاحب مصنع ألبان دنماركي إلى رفع دعوى ضد الصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم؛ للضرر الذي لَحق به، حيث أشار صاحب المصنع (لاهور) الدنماركي للألبان في السعودية إلى أن استمرار المقاطعة يعني تحقيق خسائر تُقَدر بنحو مليون وثمانمائة ألف يورو يوميًّا لهذا القطاع وحده، وفقدان أكثر من 30 ألف وظيفة، مما دعا شركة (لارا) لرفع دعوى ضرر على الصحيفة في المحاكم الدنماركية، كما قام وزير الزراعة الدنماركي بالاجتماع مع نقابة المزارعين لمناقشة القضية، وتقرر إرسال اعتذار إلى جميع وزراء الزراعة في الدول الإسلاميَّة[6].
ومع تواصُل حملات المقاطعة والمظاهرات الحاشِدة، والاحتجاجات على المستوى الرسمي والشعبي، ورُدود الفِعل العنيفة في باكستان، وتركيا، والهند، وغيرها، التي نددت بالدنمارك، وبالرئيس الأمريكي جورج بوش، وأحرقوا دمية لها، كما نددوا بإسرائيل، وامتدت المظاهرات إلى دول إفريقية؛ كنيجيريا، وإلى دول أوربية كالنمسا، وبعض البلاد الأوربية الأخرى؛ احتجاجًا على الرسوم المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم[7].
كل هذا أدَّى إلى تقديم اعتذار مرة أخرى من رئيس تحرير الصحيفة الدنماركية بصيغة جديدة باللغة العربية، وجاء فيه: "أُعلن اعتذاري لما حدث، وأُعلن استنكاري الشديد لأية خطوة تستهدف النيل من أديان وقوميات وشعوب معينة".
جاء ذلك في الوقت الذي منحت فيه الصحيفة إجازة (لفيلمنج روز) المسؤول عن صفحتها الثقافية، والذي نشر الرسوم الكاريكاتيرية[8].
لقد نجحت المقاطعة والمقاوَمة في إجبار الصحيفة الدانماركية على الاعتذار، كما أجبرت رئيس الوزراء الدنماركي على الرجوع عن موقفه، الذي كان يرفض فيه مقابَلة عدد من السفراء العرب والمسلمين، الذين طلبوا مقابلته للاحتجاج على نشْر الرسوم المسيئة للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - لقد قابلهم بعد المقاطعة وأصدر بيانًا أعلن فيه ترحيبه باعتذار الصحيفة، وأسفه عما أصاب المسلمين من هذه الرسوم، وأنه على المستوى الشخصي يكنُّ احترامًا لعقائد الآخرين، وطالبت الصحُف المصرية من خلال آراء الكتَّاب والمفكِّرين إلى الدعوة إلى الحوار عبر وسائل الإعلام والقنوات الفضائية بلغات الآخرين، إنجليزية وفرنسية وألمانية وغيرها[9].
ــــــــــــــــــــ
[1] الجمهورية، والأهرام، والأخبار، (8، 9 فبراير 2006).
[2] أخبار اليوم (11 فبراير 2006).
[3] الأهرام (9/2/2006).
[4] الجمهورية (9 فبراير 2006).
[5] "صوت الأزهر" (10/2/2006).
[6] "مجلة آخر ساعة" (8/2/2006).
[7] الأهرام (10 فبراير 2006).
[8] أخبار اليوم (11 فبراير 2006).
[9] الأهرم (11/2/2006).
مما اعجبنى
hgh vs,g hggi ( ]vhshj hughldm )
|
06-04-2012, 12:29 AM
العرض الشجري