وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ 2013 2014 2015
- - - - - - -
www.dream-cafeh.net
- - - - - - -
وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
حصريا على دريم كافيه
2013 - 2014 - 2015 - 2016
(د. إبراهيم بن محمد الحقيل) ـــــــــــ الحمد لله البر الرحيم، العليم الحليم؛ جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وشرع شد الرحال إليه تنسكا...
(د. إبراهيم بن محمد الحقيل)
ـــــــــــ
الحمد لله البر الرحيم، العليم الحليم؛ جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وشرع شد الرحال إليه تنسكا وتعبدا، نحمده على ما هدانا إليه من المناسك، وما شرع فيها من الشعائر، ونشكره على ما أولانا من نعمه، وما غمرنا به من إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جواد كريم، عفو رحيم، يجزي بالحسنة أضعافها، ولا يجزي بالسيئة إلا مثلها، ويشرع مواسم البر ليتزود العباد من خيرها، ويحوزوا بركتها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ حج بالناس حجة واحدة، فعظم الشعائر، وعلم أمته المناسك، وقال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظموا هذه العشر المباركة؛ فإنها عظيمة عند الله تعالى، والعمل الصالح فيها أعظم منه في غيرها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري.
أيها الناس: الطواف بالبيت شعيرة من أعظم شعائر المناسك، وهو ركن في الحج، وركن في العمرة، فلا حج إلا بطواف، ولا عمرة إلا بطواف، ولا تصح النيابة فيه، فالعاجز يطاف به محمولا.
والطواف اختصت به الكعبة دون غيرها، كما اختصت بالصلاة إليها؛ فالطواف بها توحيد، والطواف بغيرها شرك، وعلة ذلك أن الله تعالى أمر بالطواف حول الكعبة فصار عبادة، ونهى عن الطواف بغيرها فصار شركا، وأمر سبحانه الخليل عليه السلام ببناء البيت وتطهيره لهذه الغاية {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26] فنسب سبحانه البيت إليه، فالطائف يطوف ببيت الرب تبارك وتعالى، وكفى بذلك شرفا وفضلا، وفي مناسك الحج قال الله تعالى{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
وجاءت علة مشروعية الطواف منصوصا عليها في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» رواه أبو داود.
والتطوع بالطواف للقادم إلى مكة أفضل من نوافل العبادات؛ لأنه يتنفل بالعبادات في كل مكان، ولا يتأتى له الطواف إلا في البيت، فإن كان زحام تعبد بغير الطواف لئلا يزاحم أهل النسك.
والناس إزاء الطواف على أقسام ثلاثة:
فقسم أنكروه إما جهلا وإما استكبارا، وعدوه من تراث الوثنية، وهم غالب أمم الأرض من الكفار والعلمانيين العرب، وهم المنكرون للتوحيد، المحرومون منه، لا يؤمنون بالإسلام ولا بالقرآن.
وقسم يطوفون بالكعبة ويطوفون بغيرها من الأضرحة والقبور ونحوها، وهم كثير في البلاد الإسلامية، وهؤلاء خلطوا توحيدهم بالطواف بالبيت بشرك حين طافوا بما لا يجوز الطواف به.
وقسم هداهم الله تعالى للتوحيد، ونجاهم من الشرك، فطافوا بالبيت الحرام؛ امتثالا لأمر الله تعالى، وتركوا الطواف بغيره؛ اجتنابا لنهيه عز وجل، وهم أكثر أهل الإسلام ولله الحمد والفضل.
إن الطواف بالبيت نعمة عظيمة لمن هدي إليها، وأخلص فيها، ولا تتم هذه النعمة إلا باجتناب الطواف بغيره، وهذا الامتحان العظيم دال على التسليم لشرع الله تعالى، والانقياد لدينه، وامتثال أمره.
والطواف أنواع: فطواف للعمرة، وطواف للقدوم في الحج، وطواف للإفاضة وهو ركن الحج، وطواف للوداع، وطواف تطوع. وقد جاء في فضل الطواف حديثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ» أسبوعا: أي سبعة أشواط. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً»رواه الترمذي وحسنه.
ولا يصح الطواف إلا بأن يكون حول الكعبة، وأن يكون داخل المسجد، وأن يكون من وراء الحِجْر، وإذا كان للطواف وقت ففي وقته كطواف الإفاضة. وستر العورة شرط لصحة الطواف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «أَلاَ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» رواه الشيخان. والطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير العلماء.
واختص طواف العمرة وطواف القدوم في الحج بالاضطباع فيهما وهو إخراج الكتف الأيسر في الإحرام، وبالرمل في الأشواط الثلاثة الأول منهما، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وتحريك المنكبين، وكانت الحكمة منهما إغاظة المشركين، وإظهار القوة لهم، قال ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ، هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا " رواه مسلم. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا" متفق عليه.
وبقيت هاتان السنتان حتى بعد ذهاب سببهما؛ للتذكير بنعمة الله تعالى على المؤمنين إذ قواهم بعد الضعف، ولترسيخ إغاظة أهل الشرك في وجدان المسلم؛ ليتذكر وهو يطبق هاتين السنتين أن إغاظة المشركين أصل في ديننا، وأنها من التوحيد. قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "فِيمَ الرَّمَلانُ الْآنَ، وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَطَّأَ اللهُ الْإِسْلامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه أحمد.
يتبع
2013 - 2014 - 2015 - 2016
,QgXdQ'Q~,Q~tE,h fAhgXfQdXjA hgXuQjAdrA 2013 2014 2015
|