2014 2015سلسلة قصص الانبياء .ادم ابي البشر عليه الصلاة والسلام
- - - - - - -
www.dream-cafeh.net
- - - - - - -
سلسلة قصص الانبياء .ادم ابي البشر عليه الصلاة والسلام
حصريا على دريم كافيه
2013 - 2014 - 2015 - 2016
صورة: http://rjeem.com/Gtool/Basmalah/imag...s5a7su7100.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)لم يزل الله أولا ليس قبله شيء ، ولم يزل فعالا لما يريد ، ولا خلا وقت من الأوقات من أفعال وأقوال تصدر عن مشيئته وإرادته بحسب ما تقتضيه حكمة الله الذي هو حكيم في كل ما قدره وقضاه ، كما هو حكيم في كل ما شرعه لعباده ، فلما اقتضت الحكمة الشاملة والعلم المحيط من الله والرحمة السابغة خلق آدم أبي البشر الذين فضلهم الله على كثير ممن خلق تفضيلا ، أعلم الملائكة وقال :_ { إني جاعل في الأرض خليفة } [البقرة : 30] ._يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } [تابع : الآية] .وهذا منهم تعظيم لربهم وإجلال له عن أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول ، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم ، وبما يكون من مجرمي ذريته ، قال الله لملائكته :{ إني أعلم ما لا تعلمون } [تابع : الآية] .صورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)فإنه محيط علمه بكل شيء ، وبما يترتب على هذا المخلوق من المصالح والمنافع التي لا تعد ولا تحصى .فعرفهم تعالى بنفسه بكمال علمه ، وأنه يجب الاعتراف لله بسعة العلم ، والحكمة التي من جملتها أنه لا يخلق شيئا عبثا ، ولا لغير حكمة ، ثم بين لهم على وجه التفصيل ، فخلقه بيده تشريفا له على جميع المخلوقات ، وقبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها ، وطيبها وخبيثها ، ليكون النسل على هذه الطبائع ، فكان ترابا أولا ، ثم ألقى عليه الماء فصار طينا ، ثم لما طالت مدة بقاء الماء على الطين تغير ذلك الطين فصار حمأ مسنونا ، طينا أسود ، ثم أيبسه بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة . . وفي هذه الأطوار هو جسد بلا روح ، فلما تكامل خلق جسده ، نفخ فيه الروح فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان ، وأعده الله لكل علم وخير ، ثم أتم عليه النعمة ، فعلمه أسماء الأشياء كلها .والعلم التام يستدعي الكمال التام ، وكمال الأخلاق ، فأراد الله أن يري الملائكة كمال هذا المخلوق ، فعرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم : { أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين } [البقرة : 31] .في مضمون كلامكم الأول الذي مقتضاه أن ترك خلقه أولى ، هذا بحسب ما بدا لهم في تلك الحال ، فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات ، وقالوا : { سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } [البقرة : 32] .قال الله :{ يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم } [البقرة : 33] .صورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)شاهد الملائكة من كمال هذا المخلوق وعلمه ما لم يكن لهم في حساب ، وعرفوا بذلك على وجه التفصيل والمشاهدة كمال حكمة الله ، وعظموا آدم غاية التعظيم ; فأراد الله أن يظهر هذا التعظيم والاحترام لآدم من الملائكة ظاهرا وباطنا ، فقال للملائكة : { اسجدوا لآدم } [البقرة : 34] .احتراما له وتوقيرا وتبجيلا ، وعبادة منكم لربكم ، وطاعة ومحبة وذلا ; فبادروا كلهم أجمعون فسجدواصورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)_كان إبليس بينهم ، وقد وجه إليه الأمر بالسجود معهم ، وكان من غير عنصر الملائكة ; كان من الجن المخلوقين من نار السموم ، وكان مبطنا للكفر بالله ، والحسد لهذا الإنسان الذي فضله الله هذا التفضيل ; فحمله كبره وكفره على الامتناع عن السجود لآدم كفرا بالله واستكبارا ، ولم يكفه الامتناع حتى باح بالاعتراض على ربه ، والقدح في حكمته ، فقال : { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [الأعراف : 12] .فقال الله له : { يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أأستكبرت أم كنت من العالين } [ص : 75] .فكان هذا الكفر والاستكبار والإباء منه وشدة النفار هو السبب الوحيد أن يكون مطرودا ملعونا ، فقال الله له : { فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين } [الأعراف : 13] .فلم يخضع الخبيث لربه ، ولم يتب إليه ، بل بارزه بالعداوة ، وصمم التصميم التام على عداوة آدم وذريته ، ووطن نفسه لما علم أنه حتم عليه الشقاء الأبدي أن يدعو الذرية بقوله وفعله وجنوده إلى أن يكونوا من حزبه الذين كتبت لهم دار البوار ، فقال : { رب فأنظرني إلى يوم يبعثون } [الحجر : 36] .فيتفرغ لإعطاء العداوات حقها في آدم وذريته ._صورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)ولما كانت حكمة الله اقتضت أن يكون الآدمي مركبا من طبائع متباينة ، وأخلاق طيبة أو خبيثة ، وكان لا بد من تمييز هذه الأخلاق وتصفيتها بتقدير أسبابها من الابتلاء والامتحان الذي من أعظمه تمكين هذا العدو من دعوتهم إلى كل شر ، أجابه :{ فإنك من المنظرين }{ إلى يوم الوقت المعلوم } [الحجر : 37 و 38] .فقال لربه معلنا معصيته ، وعداوته آدم وذريته :{ فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم }{ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } [الأعراف : 16 و 17] .قال إبليس هذه المقالة ظنا منه ؛ لأنه عرف ما جبل عليه الآدمي .{ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين } [سبأ : 20] .فمكنه الله من الأمر الذي يريده إبليس في آدم وذريته ، فقال الله له : { اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا }{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد } [الإسراء : 63 و 64] .أي : إن قدرت فاجعلهم منحرفين في تربية أولادهم إلى التربية الضارة ، في صرف أموالهم المصارف الضارة ، وفي الكسب الضار ، وأيضا شارك منهم من إذ تناول طعاما أو شرابا أو نكاحا ، ولم يذكر اسم الله على ذلك في الأموال الأولاد ، وعدهم أي : مرهم أن يكذبوا بالبعث والجزاء ، وأن لا يقدموا على خير ، وخوفهم من أوليائك ، وخوفهم عند الإنفاق النافع بالفحشاء والبخل ، وهذا من الله لحكم عظيمة وأسرار ، وإنك أيها العدو المبين لا تبقي من مقدورك في إغوائهم شيئا ، فالخبيث منهم يظهر خبثه ، ويتضح شره ، والله لا يعبأ به ، ولا يبالي به .وأما خواص الذرية من الأنبياء ، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء ، وطبقات الأولياء والمؤمنين فإن الله تعالى لم يجعل لهذا العدو عليهم تسلطا ، بل أقام عليهم سورا منيعا ، وهو حمايته وكفايته ، وزودهم بسلاح لا يمكن لعدوهم مقاومتهم بكمال الإيمان بالله ، وقوة توكلهم عليه : { إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } [النحل : 99] .ومع ذلك فأعانهم على مقاومة هذا العدو المبين بأمور كثيرة : أنزل عليهم كتبه المحتوية على العلوم النافعة ، والمواعظ المؤثرة ، والترغيب إلى فعل الخيرات ، والترهيب من فعل الشرور ، وأرسل إليهم الرسل مبشرين من آمن بالله وأطاعه بالثواب العاجل ، ومنذرين من كفر وكذب وتولى بالعقوبات المتنوعة ، وضمن لمن اتبع هداه الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله أن لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة ، وأنه لا خوف عليه ، ولا حزن يعتريه ; وأرشدهم قي كتبه ، وعلى ألسنة رسله إلى الأمور التي بها يحتمون من هذا العدو المبين ، وبين لهم ما يدعو إليه هذا الشيطان ، وطرقه التي يصطاد بها الخليقة .وكما بينها لهم ووضحها فقد أرشدهم إلى الطرق التي ينجون بها من شره وفتنته ، وأعانهم على ذلك إعانة قدرية خارجة عن قدرتهم ; لأنهم لما بذلوا المجهود ، واستعانوا بالمعبود ، سهل لهم كل طريق يوصل إلى المقصود .صورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)ثم إن الله تعالى أتم نعمته على آدم ، فخلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكله ؛ ليسكن إليها ، وتتم المقاصد المتعددة من الزواج والالتئام ، وتنبث الذرية بذلك ، وقال له ولزوجته : إن الشيطان عدو لكما ، فاحذراه غاية الحذر ، فلا يخرجنكما من الجنة التي أسكنكما الله إياها ، وأباحكما أن تأكلا من جميع ثمارها ، وأن تتمتعا بجميع لذاتها إلا شجرة معينة في هذه الجنة ، فحرمها عليهما ، فقال : { فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين } [الأعراف : 19] .وقال الله لآدم في تمتيعه بهذه الجنة : { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى }{ وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } [طه : 118 و 119] ._فمكثا في الجنة ما شاء الله على هذا الوصف الذي ذكره الله ، وعدوهما يراقبهما ويراصدهما ، وينظر الفرصة فيهما ، فلما رأى سرور آدم بهذه الجنة ، ورغبته العظيمة في دوامها ، جاءه بطريق لطيف في صورة الصديق الناصح ، فقال : يا آدم ، هل أدلك على شجرة إذا أكلت منها خلدت في هذه الجنة ودام لك الملك الذي لا يبلى ؟ فلم يزل يوسوس ويزين ويسول ويعد ويمني ويلقي عليهما من النصائح الظاهرة ، وهي أكبر الغش حتى غرهما ، فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها وحرمها عليهما ، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين ، وطفقا يخصفان على أنفسهما من أوراق تلك الجنة ، أي : يلزقان على أبدانهما العارية ؛ ليكون بدل اللباس ، وسقط في أيديهما ، وظهرت في الحال عقوبة معصيتهما ، وناداهما_ _ربهما :_{ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين } [الأعراف : 22] .فأوقع الله في قلبيهما التوبة التامة ، والإنابة الصادقة . { فتلقى آدم من ربه كلمات } [البقرة : 37] .وقالا : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [الأعراف : 23] .فتاب الله عليهما ، ومحا الذنب الذي أصابا ، ولكن الأمر الذي حذرهما الله منه ، وهو الخروج من هذه الجنة إن تناولا منها تحتم ومضى ، فخرجا منها إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها ، وسرورها بكدرها .وأخبرهما الله أنه لا بد أن يبتليهما وذريتهما ، وأن من آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى ، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي ، وحذر الله الذرية منه فقال : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } [الأعراف : 27] .وأبدلهم الله بذلك اللباس الذي نزعه الشيطان من الأبوين بلباس يواري السوآت ، ويحصل به الجمال الظاهر في الحياة ، ولباس أعلى من ذلك ، وهو لباس التقوى ، الذي هو لباس القلب والروح بالإيمان والإخلاص والإنابة ، والتحلي بكل خلق جميل ، والتخلي عن كل خلق رذيل ; ثم بث الله من آدم وزوجه رجالا كثيرا ونساء ، ونشرهم في الأرض ، واستخلفهم فيها ؛ لينظر كيف يعملون .صورة: http://www.rjeem.com/Gtool/image/030.gif (http://www.rjeem.com/Gtool)_اتنهى تلخيص الشيخ عبد العزيز الداخل لقصة ادم عليه الصلاة والسلام من كتاب تفسير الشيخ السعدي رحمه الله دمتم بود_

لم يزل الله أولا ليس قبله شيء ، ولم يزل فعالا لما يريد ، ولا خلا وقت من الأوقات من أفعال وأقوال تصدر عن مشيئته وإرادته بحسب ما تقتضيه حكمة الله الذي هو حكيم في كل ما قدره وقضاه ، كما هو حكيم في كل ما شرعه لعباده ، فلما اقتضت الحكمة الشاملة والعلم المحيط من الله والرحمة السابغة خلق آدم أبي البشر الذين فضلهم الله على كثير ممن خلق تفضيلا ، أعلم الملائكة وقال : { إني جاعل في الأرض خليفة } [البقرة : 30] .
يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } [تابع : الآية] .
وهذا منهم تعظيم لربهم وإجلال له عن أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول ، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم ، وبما يكون من مجرمي ذريته ، قال الله لملائكته :{ إني أعلم ما لا تعلمون } [تابع : الآية] .

فإنه محيط علمه بكل شيء ، وبما يترتب على هذا المخلوق من المصالح والمنافع التي لا تعد ولا تحصى .
فعرفهم تعالى بنفسه بكمال علمه ، وأنه يجب الاعتراف لله بسعة العلم ، والحكمة التي من جملتها أنه لا يخلق شيئا عبثا ، ولا لغير حكمة ، ثم بين لهم على وجه التفصيل ، فخلقه بيده تشريفا له على جميع المخلوقات ، وقبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها ، وطيبها وخبيثها ، ليكون النسل على هذه الطبائع ، فكان ترابا أولا ، ثم ألقى عليه الماء فصار طينا ، ثم لما طالت مدة بقاء الماء على الطين تغير ذلك الطين فصار حمأ مسنونا ، طينا أسود ، ثم أيبسه بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة . . وفي هذه الأطوار هو جسد بلا روح ، فلما تكامل خلق جسده ، نفخ فيه الروح فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان ، وأعده الله لكل علم وخير ، ثم أتم عليه النعمة ، فعلمه أسماء الأشياء كلها .
والعلم التام يستدعي الكمال التام ، وكمال الأخلاق ، فأراد الله أن يري الملائكة كمال هذا المخلوق ، فعرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم : { أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين } [البقرة : 31] .
في مضمون كلامكم الأول الذي مقتضاه أن ترك خلقه أولى ، هذا بحسب ما بدا لهم في تلك الحال ، فعجزت الملائكة عليهم السلام عن معرفة أسماء هذه المسميات ، وقالوا : { سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } [البقرة : 32] .
قال الله :{ يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم } [البقرة : 33] .

شاهد الملائكة من كمال هذا المخلوق وعلمه ما لم يكن لهم في حساب ، وعرفوا بذلك على وجه التفصيل والمشاهدة كمال حكمة الله ، وعظموا آدم غاية التعظيم ; فأراد الله أن يظهر هذا التعظيم والاحترام لآدم من الملائكة ظاهرا وباطنا ، فقال للملائكة : { اسجدوا لآدم } [البقرة : 34] .
احتراما له وتوقيرا وتبجيلا ، وعبادة منكم لربكم ، وطاعة ومحبة وذلا ; فبادروا كلهم أجمعون
فسجدوا

كان إبليس بينهم ، وقد وجه إليه الأمر بالسجود معهم ، وكان من غير عنصر الملائكة ; كان من الجن المخلوقين من نار السموم ، وكان مبطنا للكفر بالله ، والحسد لهذا الإنسان الذي فضله الله هذا التفضيل ; فحمله كبره وكفره على الامتناع عن السجود لآدم كفرا بالله واستكبارا ، ولم يكفه الامتناع حتى باح بالاعتراض على ربه ، والقدح في حكمته ، فقال : { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } [الأعراف : 12] .
فقال الله له : { يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أأستكبرت أم كنت من العالين } [ص : 75] .
فكان هذا الكفر والاستكبار والإباء منه وشدة النفار هو السبب الوحيد أن يكون مطرودا ملعونا ، فقال الله له : { فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين } [الأعراف : 13] .
فلم يخضع الخبيث لربه ، ولم يتب إليه ، بل بارزه بالعداوة ، وصمم التصميم التام على عداوة آدم وذريته ، ووطن نفسه لما علم أنه حتم عليه الشقاء الأبدي أن يدعو الذرية بقوله وفعله وجنوده إلى أن يكونوا من حزبه الذين كتبت لهم دار البوار ، فقال : { رب فأنظرني إلى يوم يبعثون } [الحجر : 36] .
فيتفرغ لإعطاء العداوات حقها في آدم وذريته .

ولما كانت حكمة الله اقتضت أن يكون الآدمي مركبا من طبائع متباينة ، وأخلاق طيبة أو خبيثة ، وكان لا بد من تمييز هذه الأخلاق وتصفيتها بتقدير أسبابها من الابتلاء والامتحان الذي من أعظمه تمكين هذا العدو من دعوتهم إلى كل شر ، أجابه :{ فإنك من المنظرين }{ إلى يوم الوقت المعلوم } [الحجر : 37 و 38] .
فقال لربه معلنا معصيته ، وعداوته آدم وذريته :{ فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم }{ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } [الأعراف : 16 و 17] .
قال إبليس هذه المقالة ظنا منه ؛ لأنه عرف ما جبل عليه الآدمي .
{ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين } [سبأ : 20] .
فمكنه الله من الأمر الذي يريده إبليس في آدم وذريته ، فقال الله له : { اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا }{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد } [الإسراء : 63 و 64] .
أي : إن قدرت فاجعلهم منحرفين في تربية أولادهم إلى التربية الضارة ، في صرف أموالهم المصارف الضارة ، وفي الكسب الضار ، وأيضا شارك منهم من إذ تناول طعاما أو شرابا أو نكاحا ، ولم يذكر اسم الله على ذلك في الأموال الأولاد ، وعدهم أي : مرهم أن يكذبوا بالبعث والجزاء ، وأن لا يقدموا على خير ، وخوفهم من أوليائك ، وخوفهم عند الإنفاق النافع بالفحشاء والبخل ، وهذا من الله لحكم عظيمة وأسرار ، وإنك أيها العدو المبين لا تبقي من مقدورك في إغوائهم شيئا ، فالخبيث منهم يظهر خبثه ، ويتضح شره ، والله لا يعبأ به ، ولا يبالي به .
وأما خواص الذرية من الأنبياء ، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء ، وطبقات الأولياء والمؤمنين فإن الله تعالى لم يجعل لهذا العدو عليهم تسلطا ، بل أقام عليهم سورا منيعا ، وهو حمايته وكفايته ، وزودهم بسلاح لا يمكن لعدوهم مقاومتهم بكمال الإيمان بالله ، وقوة توكلهم عليه : { إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } [النحل : 99] .
ومع ذلك فأعانهم على مقاومة هذا العدو المبين بأمور كثيرة : أنزل عليهم كتبه المحتوية على العلوم النافعة ، والمواعظ المؤثرة ، والترغيب إلى فعل الخيرات ، والترهيب من فعل الشرور ، وأرسل إليهم الرسل مبشرين من آمن بالله وأطاعه بالثواب العاجل ، ومنذرين من كفر وكذب وتولى بالعقوبات المتنوعة ، وضمن لمن اتبع هداه الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله أن لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة ، وأنه لا خوف عليه ، ولا حزن يعتريه ; وأرشدهم قي كتبه ، وعلى ألسنة رسله إلى الأمور التي بها يحتمون من هذا العدو المبين ، وبين لهم ما يدعو إليه هذا الشيطان ، وطرقه التي يصطاد بها الخليقة .
وكما بينها لهم ووضحها فقد أرشدهم إلى الطرق التي ينجون بها من شره وفتنته ، وأعانهم على ذلك إعانة قدرية خارجة عن قدرتهم ; لأنهم لما بذلوا المجهود ، واستعانوا بالمعبود ، سهل لهم كل طريق يوصل إلى المقصود .

ثم إن الله تعالى أتم نعمته على آدم ، فخلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكله ؛ ليسكن إليها ، وتتم المقاصد المتعددة من الزواج والالتئام ، وتنبث الذرية بذلك ، وقال له ولزوجته : إن الشيطان عدو لكما ، فاحذراه غاية الحذر ، فلا يخرجنكما من الجنة التي أسكنكما الله إياها ، وأباحكما أن تأكلا من جميع ثمارها ، وأن تتمتعا بجميع لذاتها إلا شجرة معينة في هذه الجنة ، فحرمها عليهما ، فقال : { فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين } [الأعراف : 19] .
وقال الله لآدم في تمتيعه بهذه الجنة : { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى }{ وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } [طه : 118 و 119] .
فمكثا في الجنة ما شاء الله على هذا الوصف الذي ذكره الله ، وعدوهما يراقبهما ويراصدهما ، وينظر الفرصة فيهما ، فلما رأى سرور آدم بهذه الجنة ، ورغبته العظيمة في دوامها ، جاءه بطريق لطيف في صورة الصديق الناصح ، فقال : يا آدم ، هل أدلك على شجرة إذا أكلت منها خلدت في هذه الجنة ودام لك الملك الذي لا يبلى ؟ فلم يزل يوسوس ويزين ويسول ويعد ويمني ويلقي عليهما من النصائح الظاهرة ، وهي أكبر الغش حتى غرهما ، فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها وحرمها عليهما ، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين ، وطفقا يخصفان على أنفسهما من أوراق تلك الجنة ، أي : يلزقان على أبدانهما العارية ؛ ليكون بدل اللباس ، وسقط في أيديهما ، وظهرت في الحال عقوبة معصيتهما ، وناداهما ربهما :{ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين } [الأعراف : 22] .
فأوقع الله في قلبيهما التوبة التامة ، والإنابة الصادقة . { فتلقى آدم من ربه كلمات } [البقرة : 37] .
وقالا : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [الأعراف : 23] .
فتاب الله عليهما ، ومحا الذنب الذي أصابا ، ولكن الأمر الذي حذرهما الله منه ، وهو الخروج من هذه الجنة إن تناولا منها تحتم ومضى ، فخرجا منها إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها ، وسرورها بكدرها .
وأخبرهما الله أنه لا بد أن يبتليهما وذريتهما ، وأن من آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى ، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي ، وحذر الله الذرية منه فقال : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } [الأعراف : 27] .
وأبدلهم الله بذلك اللباس الذي نزعه الشيطان من الأبوين بلباس يواري السوآت ، ويحصل به الجمال الظاهر في الحياة ، ولباس أعلى من ذلك ، وهو لباس التقوى ، الذي هو لباس القلب والروح بالإيمان والإخلاص والإنابة ، والتحلي بكل خلق جميل ، والتخلي عن كل خلق رذيل ; ثم بث الله من آدم وزوجه رجالا كثيرا ونساء ، ونشرهم في الأرض ، واستخلفهم فيها ؛ لينظر كيف يعملون .

اتنهى تلخيص الشيخ عبد العزيز الداخل لقصة ادم عليه الصلاة والسلام من كتاب تفسير الشيخ السعدي رحمه الله
دمتم بود
2013 - 2014 - 2015 - 2016
2014 2015sgsgm rww hghkfdhx >h]l hfd hgfav ugdi hgwghm ,hgsghl
|