!~ آخـر 10 مواضيع ~!



العودة   منتديات دريم كافيه > 2014



إضافة رد
مشاركات 0 المشاهدات 156 انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-19-2014, 05:38 AM   #1
أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي
 
الصورة الرمزية أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي
 آلِحآلِة » أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي غير متواجد حالياً
 آنظمآمڪْ » Sep 2012  
 عّضوَيًتِـيً » 1663  
 عّمرٍڪْ » 38  
 مشآرٍڪْآتِڪْ » 23,184  
 نقآطيً » 63  
 آلِمسّتِوَيً » أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي جديد  
 الجِنْس »

 دِوَلِتِيً »  Saudi_Arabia 
الإعجاب بالمشاركات
Thanks (أرسل): 0
Thanks (تلقى): 3
Likes (أرسل): 0
Likes (تلقى): 5
Dislikes (أرسل): 0
Dislikes (تلقى): 0
  »  
 
افتراضي 2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ

- - - - - - - www.dream-cafeh.net - - - - - - -

أَكَلَةُ النَّارِ
حصريا على دريم كافيه

2013 - 2014 - 2015 - 2016



*صورة: http://www.rjeem.com/up/images/z6hqgv8g99zn830dgwao.gif *أَكَلَةُ النَّارِ**إبراهيم بن محمد الحقيل* * الْحَمْدُ للَّـهِ الْجَوَّادِ الْكَرِيمِ، الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ؛ ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ **[الشورى: 12]**،** نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا، وَسَخَّرَ لِلْبَشَرِ خَيْرَاتِهَا، وَفَجَّرَ لَهُمْ كُنُوزَهَا ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ **[البقرة: 29]**،** وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ رِزْقُ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا، وَلَمْ يَدَّخِرْ مِنْ أَوْدِيَةِ المَالِ شَيْئًا، فَكَانَ يُنْفِقُهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ تَعَالَى وَيَبِيتُ طَاوِيًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.**أَمَّا بَعْدُ: **فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ، وَاسْتَبْرِئُوا لِدِينِكُمْ بِاجْتِنَابِ مَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ، وَاتْرُكُوا مَا تَظُنُّونَ بِهِ بَأْسًا إِلَى مَا لَا بَأْسَ فِيهِ؛ فَإِنَّ «الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ، أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللَّـهِ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.**أَيُّهَا النَّاسُ: فِتْنَةُ المَالِ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ الَّتِي يُفْتَنُ النَّاسُ بِهَا، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ فِتْنَةَ النِّسَاءِ أَضَرُّ الْفِتَنِ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَكِنَّ المَالَ يَأْتِي بِالنِّسَاءِ، وَلَا تَأْتِي النِّسَاءُ بِالمَالِ، وَالمَالُ يُذَلِّلُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ، وَيُوَطِئُ أَكْنَافَهُمْ، وَيَحْرِفُهُمْ عَنْ مَبَادِئِهِمْ، وَيُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُمْ.**وَالمَالُ عِزٌّ لِأَصْحَابِهِ؛ تُشْتَرَى بِهِ المَوَاقِفُ، وَيُكَثَّرُ بِهِ الْأَتْبَاعُ، وَتُوطَأُ بِهِ الْأَعْقَابُ، وَتُنَالُ بِهِ جَمِيلَاتُ النِّسَاءِ. وَتَتَوَجَّهُ بُوصْلَةُ السِّيَاسَةِ حَيْثُ يُوجَدُ المَالُ، وَتَمْوِيلُ الْحَمَلَاتِ الِانْتِخَابِيَّةِ فِي الدُّوَلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، وَتَغْيِيرُ الْوَلَاءَاتِ فِي الدُّوَلِ وَالْأَحْزَابِ وَالْأَفْرَادِ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ أَمْوَالٍ تُضَخُّ لِإِنْجَاحِ أُنَاسٍ وَإِسْقَاطِ آخَرِينَ. **بَلْ حَتَّى الْأَمْنُ فِي الْأَرْضِ صَارَ سِلْعَةً تُدَارُ بِالمَالِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةَ المَالِ لِلْأَفْرَادِ وَالدُّوَلِ، وَأَنَّهُ مِنَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَسْعَى أَكْثَرُ النَّاسِ فِي طَلَبِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَبْذُلُ عِرْضَهُ وَكَرَامَتَهُ دُونَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُ دِينَهُ وَإِيمَانَهُ لِأَجْلِهَا، وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ حِينَ قَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ **[التغابن: 15]**، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ **[الكهف: 46]**، وَلَمْ يَذْكُرِ النِّسَاءَ فِي الْآيَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُنَّ أَجْمَلُ شَيْءٍ يَتَمَتَّعُ بِهِ الرِّجَالُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ المَالَ يَأْتِي بِهِنَّ، وَلَا يَأْتِي المَالُ بِالْبَنِينَ، كَمَا لَا تَأْتِي النِّسَاءُ بِالمَالِ.**وَلَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ المَالِ تَأْخُذُ بِقُلُوبِ النَّاسِ هَذَا المَأْخَذَ، وَتُؤَثِّرُ فِي أَحْوَالِ الْأَفْرَادِ وَالدُّوَلِ وَالْأُمَمِ هَذَا التَّأْثِيرَ؛ كَانَ أَكْثَرُ سَعْيِّ الْبَشَرِ وَعَمَلُهُمْ وَجِدُّهُمْ فِي تَحْصِيلِ المَالِ، وَفِي جَمْعِ المَالِ أَنْفَقُوا أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ، وَهُوَ أَكْبَرُ مَا يَشْغَلُ تَفْكِيرَهُمْ، وَيُسَيْطِرُ عَلَى أَذْهَانِهِمْ.** وَأَكْثَرُ الْحُرُوبِ تُسَعَّرُ لِأَجْلِ الِاسْتِزَادَةِ مِنَ المَالِ إِمَّا لِأَجْلِ عَقْدِ صَفَقَاتٍ ضَخْمَةٍ لِلتَّسَلُّحِ، وَإِمَّا لِغَرَضِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَرَاضٍ مَمْلُوءَةٍ بِالْكُنُوزِ وَالثَّرَوَاتِ. وَفِي الْفِكْرِ الرَّأْسِمَالِيِّ يُضَحَّى بِالمَلَايِينِ مِنَ الْبَشَرِ لِأَجْلِ المَالِ، وَلَا يُضَحَّى بِالمَالِ لِأَجْلِ الْبَشَرِ. **وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ افْتِتَانِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالمَالِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَلَا إِنَّ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ».**وَهَلَاكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِسَبَبِ المَالِ يَعْنِي: أَنَّ الْوَرَعَ يَقِلُّ فِيهِمْ، وَيَكْثُرُ فِيهِمُ اقْتِحَامُ المُتَشَابَهِ مِنَ المَالِ، ثُمَّ الْوُلُوجُ إِلَى الْحَرَامِ، وَخَاصَّةً فِي آخِرِ الزَّمَانِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.**وَلِذَا كَانَ فِي السَّلَامَةِ مِنْ أَكْلِ المَالِ الْحَرَامِ سَلَامَةٌ مِنَ النَّارِ، وَكُلَّمَا كَثُرَ مَالُ الْعَبْدِ كَانَ عَلَى خَطَرٍ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ بِقَصْدِ حِفْظِ مَالِهِ وَتَنْمِيَتِهِ، وَانْفِتَاحِ شَهِيَّتِهِ لِلِاسْتِزَادَةِ مِنْهُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَكَ المُكْثِرُونَ، إِنَّ المُكْثِرِينَ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.**إِنَّ مَنْ يَأْكُلُ مَالًا حَرَامًا فَإِنَّمَا يَأْكُلُ نَارًا، وَمَنْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ حَرَامًا فَقَدْ غَشَّهُمْ وَمَا نَصَحَ لَهُمْ، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ لحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ».**وَمَجَالَاتُ أَكْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ؛ ابْتِلَاءً مِنَ اللهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ:**فَأَكْلُ مَالِ الضَّعَفَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْيَتَامَى، وَاسْتِحْلَالُ مَوَارِيثِهِمْ، وَمَنْعُهُمْ حُقُوقَهُمْ طَرِيقٌ إِلَى النَّارِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ **[النساء: 10]**.** وَمِنَ السَّبْعِ المُوبِقَاتِ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ بِكِتْمَانِهِ أَوْ إِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ أَوْ إِسْقَاطِ وَاجِبٍ لِأَجْلِ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ **[البقرة: 174]**.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّعَامُلُ بِالرِّبَا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ **[آل عمران: 130 - 132]** وَهُوَ حَرْبٌ لِلَّـهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِقَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى لِمَنْ لَمْ يَتُوبُوا مِنَ الرِّبَا: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ **[البقرة: 279]**.**وَآكِلُ الرِّبَا يُعَذَّبُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَذَابًا شَدِيدًا؛ فَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ: «وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَيُبْعَثُ آكِلُ الرِّبَا مِنْ قَبْرِهِ كَالمَجْنُونِ يَتَخَبَّطُ، قَدْ أَثْقَلَ بَطْنَهُ مَا أَكَلَ مِنَ الرِّبَا ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ﴾ **[البقرة: 275]**. **وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: أَخْذُ الرَّشْوَةِ، فَيَمْنَعُ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ إِلَّا بِأَنْ يَرْشِيَهُ، وَهِيَ السُّحْتُ الَّذِي ذَمَّ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ **[المائدة: 42]**، وَكُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ، وَ«لَعَنَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّخَوُّضُ فِي المَالِ الْعَامِّ بِلَا حَقٍّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّـهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.**وَفِي مُجَاهِدٍ مَاتَ شَهِيدًا فِي المَعْرَكَةِ فقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَلَا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.**وَمَا كَانَ هَذَا التَّشْدِيدُ فِي المَالِ الْعَامِّ إِلَّا لِأَنَّ حُقُوقَ مَجْمُوعِ النَّاسِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَكُلَّمَا كَثُرُوا كَثُرَ الْإِثْمُ، وَلِأَنَّ التَّخَوُّضَ فِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بَوَّابَةُ الْفَسَادِ، وَسَبَبُ الْكَسَادِ، وَمَهْمَا عَظُمَتِ المَوَارِدُ فَإِنَّ التَّخَوُّضَ فِي المَالِ الْعَامِّ يَقْضِي عَلَيْهَا، وَيَمْحَقُ بَرَكَتَهَا.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّعَامُلُ بِالْقِمَارِ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ **[المائدة: 90- 91]**.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: الْغِشُّ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾** [المطففين: 1 - 6]**.**وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: أَنْ يُتَاجِرَ فِي المُحَرَّمَاتِ، فَمَا يَكْسِبُهُ مِنْهَا فَهُوَ سُحْتٌ، أَوْ يُسْتَأْجَرَ فِي عَمَلٍ مُحَرَّمٍ، فَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ سُحْتٌ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.**وَصُوَرُ أَكْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ، يَجْمَعُهَا أَصْلَانِ: **الْأَوَّلُ: مَالٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ آكِلُ النَّارِ بِالسَّرِقَةِ أَوِ النُّهْبَةِ أَوِ الْغَصْبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.**وَالثَّانِي: مَالٌ حَصَلَ عَلَيْهِ آكِلُ النَّارِ بِعُقُودٍ مُحَرَّمَةٍ كَالرِّبَا وَالرَّشْوَةِ وَالْقِمَارِ وَبَيْعِ المُحَرَّمَاتِ وَنَحْوِهَا. وَكُلُّهُ مِنْ أَكْلِ المَالِ بِالْبَاطِلِ.**فَعَلَى المُسْتَبْرِئِ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ أَنْ يُجَانِبَ المُشْتَبَهَ مِنَ المَالِ وَالمُعَامَلَاتِ، فَضْلًا عَنِ المُحَرَّمِ الصَّرِيحِ مِنْهَا، حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى وَهُوَ خَفِيفُ الظَّهْرِ مِنَ الْأَمْوَالِ المُحَرَّمَةِ.**نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُغْنِيَنَا بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ، وَبِطَاعَتِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَبِفَضْلِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَالْحَمْدُ للَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.**وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...* صورة: http://www.rjeem.com/up/images/xv0v7tc8fdmnrh855yel.gif *الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ**الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.**أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاكْتَفُوا بِالْحَلَالِ الْقَلِيلِ عَنِ الْحَرَامِ الْكَثِيرِ؛ فَإِنَّ الْقَلِيلَ إِذَا بُورِكَ عَظُمَ نَفْعُهُ، وَاكْتَفَى بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنَّ الْكَثِيرَ الَّذِي مُحِقَتْ بَرَكَتُهُ يَكُونُ شُؤْمًا عَلَى صَاحِبِهِ، وَقدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... إِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.**إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الْحَرَامَ يَطْلُبُونَ المَالَ لِلْعِزِّ بِهِ وَلِلرَّفَاهِيَةِ، وَلَا خَيْرَ فِي عِزٍّ مُؤَقَّتٍ يَعْقُبُهُ ذُلٌّ أَطْوَلُ مِنْهُ وَأَشَدُّ، وَلَا نَفْعَ فِي رَفَاهِيَةٍ عَاقِبَتُهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَذُلُّ الْفَقْرِ فِي الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ ذُلِّ الْفَقْرِ فِي الْآخِرَةِ، وَحِرْمَانُ الرَّفَاهِيَةِ فِي الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ حِرْمَانِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ.**وَأَكَلَةُ النَّارِ إِنْ تَصَدَّقُوا لَا تُقْبَلُ صَدَقَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... مَنْ جَمَعَ مَالًا حَرَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ، وَكَانَ إِصْرُهُ عَلَيْهِ». **وَأَكْلُ الْحَرَامِ يَمْنَعُ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.**وَقَدْ رَاقَبَ أَحَدُ المُعَاصِرِينَ خِلَالَ ثَلَاثِينَ سَنَةً تَقْرِيبًا مَنِ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ، وَمَنْ وَقَعُوا فِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَزُمَلَائِهِ وَمَعَارِفِهِ، فَوَجَدَ أَنَّ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ أَصْلَحَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ أُسَرَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ، وَحَظُوا بِبِرِّهِمْ، وَاسْتَقَامَ لَهُمْ عَيْشُهُمْ، وَرُزِقُوا سَعَادَةً لَمْ يَنْلَهْا غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ الَّذِينَ تَخَوَّضُوا فِي المَالِ الْحَرَامِ فَسَدَتْ أُسَرُهُمْ، وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِمْ أَوْلَادُهُمْ فَعَقُّوهُمْ، وَصَارَ مَالُهُمْ وَبَالًا عَلَيْهِمْ.**فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الْكَسْبِ الْحَرامِ وَإِنْ زَيَّنَهُ المُزَيِّنُونَ، وَدَعَا إِلَيْهِ الدَّاعُونَ، وَزَخْرَفَهُ المُزَخْرِفُونَ؛ فَإِنَّ اجْتِنَابَهُ مِنْ أَوَّلِهِ أَيْسَرُ مِنَ التَّخَلُّصِ مِنْهُ بَعْدَ الِانْغِمَاسِ فِيهِ..** وَكَمْ مِنْ ثَرِيٍّ بَنَى تِجَارَتَهُ عَلَى الْحَرَامِ، وَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ، لَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ التَّخَلُّصَ مِنْ ثَرْوَتِهِ.. **وَإِذَا عَوَّدَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى اجْتِنَابِ المُتَشَابَهِ اجْتَنَبَ المُحَرَّمَ الْخَالِصَ وَلَا شَكَّ، وَهَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنَغِّصْ عَيْشَهُ شَيْءٌ. وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ، لَكِنْ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا جَمَعَ مِنَ الْحَرَامِ، وَلِغَيْرِهِ غُنْمُهُ.**وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ..* *


2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ tr11.gif2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ tl11.gif






2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ z6hqgv8g99zn830dgwao.gif


أَكَلَةُ النَّارِ




إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ للَّـهِ الْجَوَّادِ الْكَرِيمِ، الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ؛ ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الشورى: 12]،


نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا، وَسَخَّرَ لِلْبَشَرِ خَيْرَاتِهَا، وَفَجَّرَ لَهُمْ كُنُوزَهَا ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]،


وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ رِزْقُ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا، وَلَمْ يَدَّخِرْ مِنْ أَوْدِيَةِ المَالِ شَيْئًا، فَكَانَ يُنْفِقُهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ تَعَالَى وَيَبِيتُ طَاوِيًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:



فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ، وَاسْتَبْرِئُوا لِدِينِكُمْ بِاجْتِنَابِ مَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ، وَاتْرُكُوا مَا تَظُنُّونَ بِهِ بَأْسًا إِلَى مَا لَا بَأْسَ فِيهِ؛ فَإِنَّ «الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ، أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللَّـهِ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.




أَيُّهَا النَّاسُ: فِتْنَةُ المَالِ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ الَّتِي يُفْتَنُ النَّاسُ بِهَا، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ فِتْنَةَ النِّسَاءِ أَضَرُّ الْفِتَنِ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَكِنَّ المَالَ يَأْتِي بِالنِّسَاءِ، وَلَا تَأْتِي النِّسَاءُ بِالمَالِ، وَالمَالُ يُذَلِّلُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ، وَيُوَطِئُ أَكْنَافَهُمْ، وَيَحْرِفُهُمْ عَنْ مَبَادِئِهِمْ، وَيُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُمْ.




وَالمَالُ عِزٌّ لِأَصْحَابِهِ؛ تُشْتَرَى بِهِ المَوَاقِفُ، وَيُكَثَّرُ بِهِ الْأَتْبَاعُ، وَتُوطَأُ بِهِ الْأَعْقَابُ، وَتُنَالُ بِهِ جَمِيلَاتُ النِّسَاءِ. وَتَتَوَجَّهُ بُوصْلَةُ السِّيَاسَةِ حَيْثُ يُوجَدُ المَالُ، وَتَمْوِيلُ الْحَمَلَاتِ الِانْتِخَابِيَّةِ فِي الدُّوَلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، وَتَغْيِيرُ الْوَلَاءَاتِ فِي الدُّوَلِ وَالْأَحْزَابِ وَالْأَفْرَادِ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ أَمْوَالٍ تُضَخُّ لِإِنْجَاحِ أُنَاسٍ وَإِسْقَاطِ آخَرِينَ.



بَلْ حَتَّى الْأَمْنُ فِي الْأَرْضِ صَارَ سِلْعَةً تُدَارُ بِالمَالِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَهَمِّيَّةَ المَالِ لِلْأَفْرَادِ وَالدُّوَلِ، وَأَنَّهُ مِنَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَسْعَى أَكْثَرُ النَّاسِ فِي طَلَبِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَبْذُلُ عِرْضَهُ وَكَرَامَتَهُ دُونَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُ دِينَهُ وَإِيمَانَهُ لِأَجْلِهَا، وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ حِينَ قَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف: 46]، وَلَمْ يَذْكُرِ النِّسَاءَ فِي الْآيَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُنَّ أَجْمَلُ شَيْءٍ يَتَمَتَّعُ بِهِ الرِّجَالُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ المَالَ يَأْتِي بِهِنَّ، وَلَا يَأْتِي المَالُ بِالْبَنِينَ، كَمَا لَا تَأْتِي النِّسَاءُ بِالمَالِ.




وَلَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ المَالِ تَأْخُذُ بِقُلُوبِ النَّاسِ هَذَا المَأْخَذَ، وَتُؤَثِّرُ فِي أَحْوَالِ الْأَفْرَادِ وَالدُّوَلِ وَالْأُمَمِ هَذَا التَّأْثِيرَ؛ كَانَ أَكْثَرُ سَعْيِّ الْبَشَرِ وَعَمَلُهُمْ وَجِدُّهُمْ فِي تَحْصِيلِ المَالِ، وَفِي جَمْعِ المَالِ أَنْفَقُوا أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ، وَهُوَ أَكْبَرُ مَا يَشْغَلُ تَفْكِيرَهُمْ، وَيُسَيْطِرُ عَلَى أَذْهَانِهِمْ.


وَأَكْثَرُ الْحُرُوبِ تُسَعَّرُ لِأَجْلِ الِاسْتِزَادَةِ مِنَ المَالِ إِمَّا لِأَجْلِ عَقْدِ صَفَقَاتٍ ضَخْمَةٍ لِلتَّسَلُّحِ، وَإِمَّا لِغَرَضِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَرَاضٍ مَمْلُوءَةٍ بِالْكُنُوزِ وَالثَّرَوَاتِ. وَفِي الْفِكْرِ الرَّأْسِمَالِيِّ يُضَحَّى بِالمَلَايِينِ مِنَ الْبَشَرِ لِأَجْلِ المَالِ، وَلَا يُضَحَّى بِالمَالِ لِأَجْلِ الْبَشَرِ.



وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ افْتِتَانِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالمَالِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَلَا إِنَّ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ».


وَهَلَاكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِسَبَبِ المَالِ يَعْنِي: أَنَّ الْوَرَعَ يَقِلُّ فِيهِمْ، وَيَكْثُرُ فِيهِمُ اقْتِحَامُ المُتَشَابَهِ مِنَ المَالِ، ثُمَّ الْوُلُوجُ إِلَى الْحَرَامِ، وَخَاصَّةً فِي آخِرِ الزَّمَانِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.




وَلِذَا كَانَ فِي السَّلَامَةِ مِنْ أَكْلِ المَالِ الْحَرَامِ سَلَامَةٌ مِنَ النَّارِ، وَكُلَّمَا كَثُرَ مَالُ الْعَبْدِ كَانَ عَلَى خَطَرٍ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ بِقَصْدِ حِفْظِ مَالِهِ وَتَنْمِيَتِهِ، وَانْفِتَاحِ شَهِيَّتِهِ لِلِاسْتِزَادَةِ مِنْهُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَكَ المُكْثِرُونَ، إِنَّ المُكْثِرِينَ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.




إِنَّ مَنْ يَأْكُلُ مَالًا حَرَامًا فَإِنَّمَا يَأْكُلُ نَارًا، وَمَنْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ حَرَامًا فَقَدْ غَشَّهُمْ وَمَا نَصَحَ لَهُمْ، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ لحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ».




وَمَجَالَاتُ أَكْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ؛ ابْتِلَاءً مِنَ اللهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ:
فَأَكْلُ مَالِ الضَّعَفَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْيَتَامَى، وَاسْتِحْلَالُ مَوَارِيثِهِمْ، وَمَنْعُهُمْ حُقُوقَهُمْ طَرِيقٌ إِلَى النَّارِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: 10].


وَمِنَ السَّبْعِ المُوبِقَاتِ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ.
وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ بِكِتْمَانِهِ أَوْ إِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ أَوْ إِسْقَاطِ وَاجِبٍ لِأَجْلِ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 174].




وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّعَامُلُ بِالرِّبَا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: 130 - 132] وَهُوَ حَرْبٌ لِلَّـهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِقَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى لِمَنْ لَمْ يَتُوبُوا مِنَ الرِّبَا: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279].




وَآكِلُ الرِّبَا يُعَذَّبُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَذَابًا شَدِيدًا؛ فَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ: «وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَيُبْعَثُ آكِلُ الرِّبَا مِنْ قَبْرِهِ كَالمَجْنُونِ يَتَخَبَّطُ، قَدْ أَثْقَلَ بَطْنَهُ مَا أَكَلَ مِنَ الرِّبَا ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ﴾ [البقرة: 275].





وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: أَخْذُ الرَّشْوَةِ، فَيَمْنَعُ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ إِلَّا بِأَنْ يَرْشِيَهُ، وَهِيَ السُّحْتُ الَّذِي ذَمَّ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42]، وَكُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ، وَ«لَعَنَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.




وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّخَوُّضُ فِي المَالِ الْعَامِّ بِلَا حَقٍّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّـهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.




وَفِي مُجَاهِدٍ مَاتَ شَهِيدًا فِي المَعْرَكَةِ فقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَلَا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.




وَمَا كَانَ هَذَا التَّشْدِيدُ فِي المَالِ الْعَامِّ إِلَّا لِأَنَّ حُقُوقَ مَجْمُوعِ النَّاسِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَكُلَّمَا كَثُرُوا كَثُرَ الْإِثْمُ، وَلِأَنَّ التَّخَوُّضَ فِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ بَوَّابَةُ الْفَسَادِ، وَسَبَبُ الْكَسَادِ، وَمَهْمَا عَظُمَتِ المَوَارِدُ فَإِنَّ التَّخَوُّضَ فِي المَالِ الْعَامِّ يَقْضِي عَلَيْهَا، وَيَمْحَقُ بَرَكَتَهَا.




وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: التَّعَامُلُ بِالْقِمَارِ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّـهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 90- 91].




وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: الْغِشُّ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: 1 - 6].




وَمِنْ أَكْلِ النَّارِ: أَنْ يُتَاجِرَ فِي المُحَرَّمَاتِ، فَمَا يَكْسِبُهُ مِنْهَا فَهُوَ سُحْتٌ، أَوْ يُسْتَأْجَرَ فِي عَمَلٍ مُحَرَّمٍ، فَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ سُحْتٌ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.






وَصُوَرُ أَكْلِ النَّارِ كَثِيرَةٌ، يَجْمَعُهَا أَصْلَانِ:
الْأَوَّلُ: مَالٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ آكِلُ النَّارِ بِالسَّرِقَةِ أَوِ النُّهْبَةِ أَوِ الْغَصْبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.


وَالثَّانِي: مَالٌ حَصَلَ عَلَيْهِ آكِلُ النَّارِ بِعُقُودٍ مُحَرَّمَةٍ كَالرِّبَا وَالرَّشْوَةِ وَالْقِمَارِ وَبَيْعِ المُحَرَّمَاتِ وَنَحْوِهَا. وَكُلُّهُ مِنْ أَكْلِ المَالِ بِالْبَاطِلِ.




فَعَلَى المُسْتَبْرِئِ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ أَنْ يُجَانِبَ المُشْتَبَهَ مِنَ المَالِ وَالمُعَامَلَاتِ، فَضْلًا عَنِ المُحَرَّمِ الصَّرِيحِ مِنْهَا، حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى وَهُوَ خَفِيفُ الظَّهْرِ مِنَ الْأَمْوَالِ المُحَرَّمَةِ.




نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُغْنِيَنَا بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ، وَبِطَاعَتِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَبِفَضْلِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَالْحَمْدُ للَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...



2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ xv0v7tc8fdmnrh855yel.gif












الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.




أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاكْتَفُوا بِالْحَلَالِ الْقَلِيلِ عَنِ الْحَرَامِ الْكَثِيرِ؛ فَإِنَّ الْقَلِيلَ إِذَا بُورِكَ عَظُمَ نَفْعُهُ، وَاكْتَفَى بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنَّ الْكَثِيرَ الَّذِي مُحِقَتْ بَرَكَتُهُ يَكُونُ شُؤْمًا عَلَى صَاحِبِهِ، وَقدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... إِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.




إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الْحَرَامَ يَطْلُبُونَ المَالَ لِلْعِزِّ بِهِ وَلِلرَّفَاهِيَةِ، وَلَا خَيْرَ فِي عِزٍّ مُؤَقَّتٍ يَعْقُبُهُ ذُلٌّ أَطْوَلُ مِنْهُ وَأَشَدُّ، وَلَا نَفْعَ فِي رَفَاهِيَةٍ عَاقِبَتُهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَذُلُّ الْفَقْرِ فِي الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ ذُلِّ الْفَقْرِ فِي الْآخِرَةِ، وَحِرْمَانُ الرَّفَاهِيَةِ فِي الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ حِرْمَانِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ.





وَأَكَلَةُ النَّارِ إِنْ تَصَدَّقُوا لَا تُقْبَلُ صَدَقَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... مَنْ جَمَعَ مَالًا حَرَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ، وَكَانَ إِصْرُهُ عَلَيْهِ».



وَأَكْلُ الْحَرَامِ يَمْنَعُ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


وَقَدْ رَاقَبَ أَحَدُ المُعَاصِرِينَ خِلَالَ ثَلَاثِينَ سَنَةً تَقْرِيبًا مَنِ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ، وَمَنْ وَقَعُوا فِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَزُمَلَائِهِ وَمَعَارِفِهِ، فَوَجَدَ أَنَّ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ أَصْلَحَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ أُسَرَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ، وَحَظُوا بِبِرِّهِمْ، وَاسْتَقَامَ لَهُمْ عَيْشُهُمْ، وَرُزِقُوا سَعَادَةً لَمْ يَنْلَهْا غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ الَّذِينَ تَخَوَّضُوا فِي المَالِ الْحَرَامِ فَسَدَتْ أُسَرُهُمْ، وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِمْ أَوْلَادُهُمْ فَعَقُّوهُمْ، وَصَارَ مَالُهُمْ وَبَالًا عَلَيْهِمْ.




فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنَ الْكَسْبِ الْحَرامِ وَإِنْ زَيَّنَهُ المُزَيِّنُونَ، وَدَعَا إِلَيْهِ الدَّاعُونَ، وَزَخْرَفَهُ المُزَخْرِفُونَ؛ فَإِنَّ اجْتِنَابَهُ مِنْ أَوَّلِهِ أَيْسَرُ مِنَ التَّخَلُّصِ مِنْهُ بَعْدَ الِانْغِمَاسِ فِيهِ..


وَكَمْ مِنْ ثَرِيٍّ بَنَى تِجَارَتَهُ عَلَى الْحَرَامِ، وَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ، لَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ التَّخَلُّصَ مِنْ ثَرْوَتِهِ..



وَإِذَا عَوَّدَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى اجْتِنَابِ المُتَشَابَهِ اجْتَنَبَ المُحَرَّمَ الْخَالِصَ وَلَا شَكَّ، وَهَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنَغِّصْ عَيْشَهُ شَيْءٌ. وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ، لَكِنْ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا جَمَعَ مِنَ الْحَرَامِ، وَلِغَيْرِهِ غُنْمُهُ.


وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ..









2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ br11.gif2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ bl11.gif







2013 - 2014 - 2015 - 2016



2014 2015HQ;QgQmE hgk~QhvA

 





  رد مع اقتباس
الإعجاب / الشكر
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

2014 2015أَكَلَةُ النَّارِ



الساعة الآن 04:54 AM

الاتصال بنا - دريم كافيه - الأرشيف - إحصائيات الإعلانات - الأعلى

 



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By khloool

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

P.F.S. √ 1.1 BY: ! αʟαм ! © 2010

 

RSS - XML - HTML  - sitemap - sitemap2 - sitemap3 - خريطة المواضيع - خريطة الاقسام - nasserseo1 - nasserseo2

 

|
 

 
موقعكم تردد قناة اسماء بنات 2017 رمزيات صور رسائل