السنة الأولى للزواج هي سنة بناء ووضع اللبنات لأساسٍ قوي متين، لتكون مصدَّاتٍ للرِّياح، التي حتمًا ستأتيه من كلِّ جانب، والزوجة الذكية هي التي تُدرك ذلك، وتمتلك الإرادة للوُصُول بهذا البنيان إلى عنان السماء، وقد منحها الله الأدوات، وذَلَّلَ لها الأسباب، وهي المودة والرحمة، والعقل المستنير، والصدر المتسع لكلِّ الملمات والخطوب، والقلب الذي يَتَحَمَّل الأخطاء الصغيرة، ويصفح عن الأخطاء الكبيرة، ويمنح الفرص، ويضمد الجروح، ويسدُّ الشقوق بعدْوى الحب الذي ستنشره الزوجةُ الحكيمة في أرجاء بيتها الوليد.
وعنِ المشكلات التي يمكن أن تواجه كل زوجة في أول زواجِها، تحكي بعضُ الزوجات تجاربها مع أول سنة زواج، وكيف تخطَّتْ تلك المشكلات من أجْل استقرار أسرتِها.
اختلاف الطِّباع:
قالت مريم متزوجة حديثًا: هي مشكلة اختلاف الطباع، فأنا حالمة رومانسية، وهو عملي جدًّا، يهتم كثيرًا بعملِه، لدرجة أنه عادَ إلى عملِه بعد ثلاثة أيام من زواجنا، مما أحزنني كثيرًا، إلى جانب أنه صاخب يحب الصوت العالي، وأنا العكس، دقيق جدًّا في كل شيء، بينما أنا فوضوية بعض الشيء، حيث أمي كانت تقوم عني بكلِّ شيء، حتى ترتيب حجرتي، فلم أعتدْ بعدُ على القيام بالمهام الزوجية الثقيلة.
ولكني عاقدة العزْم على تقريب وجهات النظر، فكما اعتدت التفوُّق في دراستي، ولا أرضى عنه بديلاً، كذلك هناك الأهم وهو حياتي الزوجية.
زوجي متسلِّط:
العقبة التي واجهتْنِي في أولِ زواجي هي تسلُّط زوجي، وانفراده برأيه، وكأنه يعيش في البيت بمفرده، وقد تغلبتُ على هذه الصفة فيه بالحنان، ولا شيء غيره، ذلك الحنان الذي ورثته عن أمي - رحمها الله - والذي كان دستورَ بيتها، فكان إذا أبدى رأيًا، فلا نقاش فيه، أقْتَرِب منه بكلِّ رقَّة وأداعبه قائلة: الطفل العنيد بداخلك متى سيكبر؟ فيبتسم ويقول لي: البركة فيكِ لتأخذي بيديه، وعلى مرِّ السنوات أصبحنا شريكين حقيقيينِ، وليس آمرًا وناهيًا، بفضل حناني الذي دائمًا يشيد به.
تدخُّل أمه:
زوجي طيِّب للغاية، ولكن من أول يوم زواج شعرْت بمدى ضعفِه الشديد تجاه أمه وآرائها، فكانت تتدخَّل في حياتنا بشكلٍ مُزعج جدًّا، حتى إذا سافرنا في رحلة، كانت تَثنيه عن ذلك بحجَّة التوفير، وأنا صابرة، مرة أرفض وأقيم الدُّنيا، ومرات أتغاضى.
ولكنِّي في إحدى المرات وضعتُه أمام خيارين، إمَّا أنا أو أمه، وحدثت مشكلة كبيرة، وتدخَّل الأهلُ، وكان الصلح، وأخذنا من أمه الحنون الشفوق وعْدًا بعدم التدخُّل في شؤوننا، إلا عندما نحتاج نحن إليها.
والآن - وبعد مرور ثلاث سنوات - نحن أسعد زوجين، وحماتي التي أصبحتْ جدة لابْنتي، هي صديقتي، بل أحيانًا أَتَدَخَّل أنا لترقيق قلْب ابنها عليها، بفضْل الله وعونه، ثم بفضْل صبري على زوجي.
اختلاف وتكامُل:
كنت أضيق جدًّا باختلاف آراء زوجي عن آرائي، وطباعه عن طباعي في سنوات زواجي الأولى؛ ولكن - بفضل الله - تبيَّن لي بعد عشرتي وطول مدة زواجي، التي قاربت ستة عشر عامًا - أن الاختلاف بيننا أصبح تكامُلاً، وهذا التكاملُ في الصِّفات قد ساعَدَنَا كثيرًا في الكثير من أمور حياتنا الزوجية.
فأنا مثلاً كنتُ صارِمة بعض الشيء مع الأبناء، بينما هو حَنُون جدًّا، ومتفاهِم إلى أقصى حدٍّ معهم، مما أَحْدَثَ توازُنًا في تربية الأبناء.
وأقول لكلِّ زوجة جديدة: لا تجعلي اختلاف طباعك أنتِ وزوجك عائقًا أمام سعادتك الزوجيَّة؛ بل اجعليها نقطة لصالحك؛ لتحقيق التوازُن لصالح الأسرة.
قلبي لم يكنْ خاليًا:
للأسف تزوَّجْتُ بقلب ليس خاليًا، فقد كنت مخطوبة من قبلُ لرجلٍ أحببْتُه بعنفٍ؛ ولكن لم يكتبِ الله لنا الزواجَ، وحين تزوجْتُ زوجي الحالي لَمْ ألْتَفِتْ إلى مشاعرِه وحنانِه ورجولتِه؛ لأنَّ ذهني كان مشغولاً بغيرِه، والآن وبعد مُرُور سنوات طويلة، أشعر بمدى ذنْبي وتقصيري في حقِّ زوجي الحبيب، الذي لم يقفْ عند نُفُوري وعصبيَّتي، بل كان دائمَ الابتسام في وجْهي، محبًّا عطوفًا متفهِّمًا، والآن وبعد إفاقتي منَ الوهم الذي كان يسكنْ قلبي، أُحاول تعويضه عن إهمالي الجسيم في حقِّه.
أخطاء يجب تدارُكها:
هناك الكثيرُ من الأخطاء التي يقع فيها المتزوجون حديثًا، وهم يخطون إلى حياتهم الزوجيَّة، يقول أستاذ علم النفس بجامعة الكويت/ د. خضر البارون: تطلُّعات خياليَّة:
1- المرأة تدخل الحياة الزوجية بتطلُّعات خيالية بعيدة عن الواقع، وإن لم تجد ما تمنتْ وتطلَّعَتْ، تبدأ بالشكوى.
2- كذلك تكون لديها مفاهيم خاطئة ومغلوطة، قد تستقيها من الأم أو الرفيقات عن أن الزواج حلبة صراع ومنافسة على مقعد الرئاسة، وأن زعامة البيت تكون للرابح في هذا الصراع.
3- أيضًا منَ الأخطاء التي تقع فيها المرأةُ بعد الزواج: احتراف بعض النساء إفشاء أسرار زوجها إلى الأهْل والصديقات، وتلك العادة أو الصفة هي أقصى ما يثير المشاكل بينها وبين زوجها، إلى جانب أن هناك بعض النساء تنتظر الزوج بمجموعة من المصائب عند عودته إلى المنزل؛ مثل: مشكلات الصغار، وكوارث الجيران.
6- كذلك من ضمن الأخطاء التي يقع فيها المتزوجون حديثًا: تعجُّلهم لإنجاب الأطفال، وقلقهم إذا مرَّتْ شهور قليلة بدون إنجاب، فيبدأ التوتُّر، وبالتالي حدوث المشكلات، وينصح البارُّون كل زوجة حديثة أو مقبِلة على الزواج أن تستعدَّ له نفسيًّا، وتعرف ماذا تريد من الزواج، ولا بد أن تعرف جيدًا معنى الزواج، الذي هو شراكة وصبْر وتضحيات، وتكوين أسرة تتطلَّب المحافَظة عليها، وليس من الطبيعي الانسحاب من الزواج عند ظُهُور أية مشكلة، ونصيحتي لكلِّ امرأة أن تصبرَ على زوجها، وتتكيف على عاداته وتتحمّل، إلى أن يعتاد كل منهما الآخر، وأن تعلمَ أنَّ الزواج ميثاقٌ غليظٌ - كما قال الله تعالى.
مهارات الجذب:
ويضيف البارون: أنه لا يوجد أحد مفصل كما يحب الآخر؛ ولكن بالصبر والاحتمال يُمكن خلْق التقارُب، وتجاوُز المشكلات والأَزَمَات، فالمرءُ إذا أراد الشيء يسعى إليه، ويبذل مجهودًا في سبيله،وعلى المرأة أن تتعلمَ مهارات الجذب، سواء في بيتها أم مظهرها أم شخصيتها، وإن وجدت صمتًا أو تجاهلاً من الزوج، فلا مانع أن تكونَ هي المبادِرة بالكلام، أو تهيئة الجو المناسب لجِلْسة رومانسية، وأن تحتويه بالمشاعر والحنان، ويقيني أن المرأة قادرة على ذلك.
همستي إليكِ:
الفرْق بين امرأة ناجحة وأخرى فاشلة: أنَّ الأولى عرفتْ وعملتْ، والثانية عرفت فقط.