!~ آخـر 10 مواضيع ~!



العودة   منتديات دريم كافيه > 2014



إضافة رد
مشاركات 0 المشاهدات 172 انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-26-2014, 05:40 PM   #1
أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي
 
الصورة الرمزية أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي
 آلِحآلِة » أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي غير متواجد حالياً
 آنظمآمڪْ » Sep 2012  
 عّضوَيًتِـيً » 1663  
 عّمرٍڪْ » 38  
 مشآرٍڪْآتِڪْ » 23,184  
 نقآطيً » 63  
 آلِمسّتِوَيً » أبــ،،،ويـــ،،ا قـلــبي جديد  
 الجِنْس »

 دِوَلِتِيً »  Saudi_Arabia 
الإعجاب بالمشاركات
Thanks (أرسل): 0
Thanks (تلقى): 3
Likes (أرسل): 0
Likes (تلقى): 5
Dislikes (أرسل): 0
Dislikes (تلقى): 0
  »  
 
افتراضي 2014 2015قل اللهم مالك الملك

- - - - - - - www.dream-cafeh.net - - - - - - -

قل اللهم مالك الملك
حصريا على دريم كافيه

2013 - 2014 - 2015 - 2016



قل اللهم مالك الملكالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – (بَلَى مَن أَوفى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [آل عمران: 76].أَيُّهَا المُسلِمُونَ: كُلَّ يَومٍ يَعِيشُهُ العَاقِلُ في هَذِهِ الحَيَاةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّمُ جَدِيدًا وَيَكتَسِبُ مُفِيدًا، وَالكَيِّسُ مِنَ النَّاسِ مَنِ اعتَبَرَ بما غَبَرَ، وَالفَطِنُ مَن أَخَذَ مِنَ المَاضِي دُرُوسًا لِلحَاضِرِ، وَعَمِلَ بما يُنجِيهِ يَومَ التَّلاقِ (يَومَ هُم بَارِزُونَ لا يَخفَى عَلَى اللهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ. اليَومَ تُجزَى كُلُّ نَفسٍ بما كَسَبَت لا ظُلمَ اليَومَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ) [غافر: 16- 17].عِبَادَ اللهِ: في شُهُورٍ مَضَت فِيمَا بَينَ العَامِ وَالعَامَينِ وَلا تَزِيدُ، تَوَالَت عَلَى عَالَمِنَا العَرَبيِّ وَالإِسلامِيِّ أَحدَاثٌ جِسَامٌ، وَمَرَّت بِهِ تَغَيُّرَاتٌ عِظَامٌ، سَقَطَت حُكُومَاتٌ وَقَامَت حُكُومَاتٌ، وَتَولىَّ المُلكَ رِجَالٌ وَسَقَطَ رِجَالٌ، وَمَاتَ حُكَّامٌ وَقُتِلَ رُؤَسَاءُ، وَأَمِنَت دُوَلٌ وَخَافَت دُوَلٌ، وَتَحَرَّرَت شُعُوبٌ وَاستُعبِدَت شُعُوبٌ، فَسُبحَانَ اللهِ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ! سُبحَانَ مَن لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ !سُبحَانَ الحَيِّ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ (إِنَّمَا أَمرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. فَسُبحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ) [يس: 82- 83]، (فَسُبحَانَ اللهِ رَبِّ العَرشِ عَمَّا يَصِفُونَ. لا يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلُونَ) [الأنبياء: 22- 23] (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. تُولِجُ اللَّيلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيلِ وَتُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 26- 27]، هَذَا شَأنُ اللهِ في خَلقِهِ، وَذَلِكُم تَدبِيرُهُ في مُلكِهِ، لا رَادَّ لما قَضَى، وَلا مَانِعَ لما أَعطَى، وَلا مُعطِيَ لما مَنَعَ، وَلا رَافِعَ لما خَفَضَ وَلا خَافِضَ لما رَفَعَ.أَيُّهَا المُسلِمُونَ: إِنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ العَظِيمَةَ، كَانَت وَمَا زَالَت وَلَن تَزَالَ إِلى أَن يَرِثَ اللهُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا، وَمَن قَرَأَ كِتَابَ اللهِ وَفَقِهَهُ، وَوَعَى التَّأرِيخَ وَتَأَمَّلَ أَحدَاثَهُ، وَجَدَ مِن ذَلِكَ مَا يَملأُ قَلبَهُ يَقِينًا بِأَنَّهُ لا بَقَاءَ إِلاَّ للهِ، وَلا مَالِكَ حَقِيقِيَّ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّهُ لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لا شِدَّةٌ تَدُومُ وَلا رَخَاءٌ (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لأُولي الأَبصَارِ) [النور: 44].عَاشَ آدَمُ وَزَوجُهُ في الجَنَّةِ مَا شَاءَ اللهُ لهما أَن يَعِيشَا، ثم أَنزَلَهُمَا اللهُ إِلى الأَرضِ لِحِكمَةٍ يَعلَمُهَا، وَعَلَى هَذِهِ الأَرضِ انتَشَرَ بَنُوهُمَا وَتَكَاثَرَ نَسلُهُم، وَابتُلُوا بِالشَّرِّ وَالخَيرِ، وَجُعِلَ بَعضُهُم لِبَعضٍ فِتنَةً، وَعَاشُوا في شَدٍّ وَجَذبٍ وَقُوَّةٍ وَضَعفٍ، يَرتَفِعُ بَعضُهُم حِقبَةً ثم يَقَعُ، وَيَعتَلِي آخَرُونَ حِينًا ثم يَهبِطُونَ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ.وَلَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ مَا جَرَى لأَنبِيَاءِ اللهِ وَأَولِيَائِهِ وَأَصفِيَائِهِ مَعَ أَقوَامِهِم وَمَن حَولَهُم، لَوَجَدَ هَذِهِ السُّنَّةَ مَاضِيَةً جَارِيَةً، لا يَكَادُ زَمَانٌ يَخلُو مِن صِرَاعٍ بَينَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، وَلا مِن تَغلُّبِ جَانِبٍ وَانهِزَامِ جَانِبٍ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ، دَعَا نُوحٌ قَومَهُ مِئَاتِ السِّنِينَ، وَلم يَزدَادُوا إِلاَّ فِرَارًا، وَأَصَرُّوا وَاستَكبَرُوا استِكبَارًا، وَسَخِرُوا مِنهُ وَاستَهزَؤُوا بِهِ، ثم كَانَتِ الغَلَبَةُ لَهُ عَلى سَفِينَةٍ صَنَعَهَا بِيَدِهِ، فَجَرَت في مَوجٍ كَالجِبَالِ تَحتَ عَينِ اللهِ، حَتى (قِيلَ يَا نُوحُ اهبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّن مَعَكَ) [هود: 48].وَحَاوَلَ قَومُ إِبرَاهِيمَ قَتلَهُ، وَرَمَوهُ في النَّارِ لِحَرقِهِ، فَقَاوَمَهُم وَحدَهُ وَهَاجَرَ إِلى رَبِّهِ (فَأَنجَاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ) [العنكبوت: 24].وَأُرسِلَ هُودٌ إِلى عَادٍ، فَجَحَدُوا بِآيَاتِ اللهِ وَعَصَوا رُسُلَهُ، فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ (وَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَنَجَّينَاهُم مِن عَذَابٍ غَلِيظٍ) [هود: 58].وَبَعَثَ اللهُ في ثمودٍ صَالحًا، فَمَا زَالُوا في شَكٍّ ممَّا جَاءَهُم بِهِ وَرِيبَةٍ، حَتى أَخَذَهُمُ اللهُ بِالصَّيحَةِ (فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ. وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا في دِيَارِهِم جَاثِمِينَ. كَأَن لم يَغنَوا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمُودَ) [هود: 66- 68].وَأَمَّا لُوطٌ فَبُعِثَ في قَومٍ أُشرِبُوا في قُلُوبِهِم حُبَّ الفَوَاحِشِ وَالعُدُولَ عَنِ الفِطرَةِ السَّوِيَّةِ إِلى الشَّهوَةِ البَهِيمِيَّةِ (فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا جَعَلنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمطَرنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِن سِجِّيلٍ مَنضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود: 82- 83].وَأَمَّا شُعَيبٌ فَأُرسِلَ إِلى أَهلِ مَديَنَ، فَأَبَوا إِلاَّ التَّعَلُّقَ بِدُنيَاهُم وَتَفضِيلَهَا عَلَى مَا عِندَ اللهِ، وَاستَهزَؤُوا بِشُعَيبٍ وَبِصَلاتِهِ، فَحَذَّرَهُم وَقَالَ لهم: (وَيَا قَومِ لا يَجرِمَنَّكُم شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِثلُ مَا أَصَابَ قَومَ نُوحٍ أَو قَومَ هُودٍ أَو قَومَ صَالِحٍ وَمَا قَومُ لُوطٍ مِنكُم بِبَعِيدٍ) [هود: 89] فَمَا ازدَادُوا إِلاَّ عُتُوًّا وَاستِكبَارًا، فَأَصَابَهُم مَا أَصَابَ مَن قَبلَهُم (وَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا شُعَيبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا في دِيَارِهِم جَاثِمِينَ. كَأَن لم يَغنَوا فِيهَا أَلا بُعدًا لِمَديَنَ كَمَا بَعِدَت ثَمُودُ) [هود: 94- 95].وَهَكَذَا حَدَثَ لِمُوسَى وَقَومِهِ مَعَ فِرعَونَ الَّذِي (عَلا في الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَهَا شِيَعًا يَستَضعِفُ طَائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبنَاءَهُم وَيَستَحيِي نِسَاءَهُم إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفسِدِينَ) [القصص: 2] فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ - تَعَالى - أن يَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا في الأَرضِ وَيَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَيَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ وَيُمَكِّنَ لَهُم في الأَرضِ وَيُرِيَ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُم مَا كَانُوا يَحذَرُونَ، لَمَّا أَرَادَ اللهُ ذَلِكَ، دَبَّرَ - سُبحَانَهُ - بِحِكمَتِهِ لِمُوسَى أَلطَفَ التَّدَابِيرِ، وَوَقَاهُ كَيدَ فِرعَونَ وَقَومِهِ، بَل وَقَدَّرَ لَهُ العَيشَ في بَيتِ ذَلِكُمُ الطَّاغِيَةِ وَتَحتَ كَنَفِهِ وَكَفَالَتِهِ، لِيَكُونَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ عَدُوًّا وَحَزَنًا، حَتى إِذَا أَرَادَ - سُبحَانَهُ - نَصرَ المُستَضعَفِينَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: (فَانتَقَمنَا مِنهُم فَأَغرَقنَاهُم في اليَمِّ بِأَنَّهُم كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنهَا غَافِلِينَ. وَأَورَثنَا القَومَ الَّذِينَ كَانُوا يُستَضعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتي بَارَكنَا فِيهَا وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ الحُسنى عَلَى بَني إِسرَائِيلَ بما صَبَرُوا وَدَمَّرنَا مَا كَانَ يَصنَعُ فِرعَونُ وَقَومُهُ وَمَا كَانُوا يَعرِشُونَ) [الأعراف: 136- 137].وَللهِ - تَعَالى - في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَولِيَاءُ وَأَعدَاءٌ يَدفَعُ بِبَعضِهِم بَعضًا، وَقَد قَصَّ عَلَينَا في كِتَابِهِ كَثِيرًا مِن أَنبَائِهِم لِنَتَّعِظَ وَنَعتَبِرَ (ذَلِكَ مِن أَنبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيكَ مِنهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ. وَمَا ظَلَمنَاهُم وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم فَمَا أَغنَت عَنهُم آلِهَتُهُمُ الَّتي يَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيءٍ لَمَّا جَاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُم غَيرَ تَتبِيبٍ. وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَومٌ مَجمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَومٌ مَشهُودٌ) [هود: 100- 103].أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا يَغتَرَّنَّ قَوِيٌّ بِقُوَّتِهِ، وَلا يَيأَسَنَّ ضَعِيفٌ لِضَعفِهِ، وَاعتَبِرُوا فَقَد قَرَأتُم وَسَمِعتُم، بَل وَرَأَيتُم وَشَهِدتُم، فَخُذُوا العِبرَةَ قَبلَ أَن تَكُونُوا عِبرَةً، وَكُونُوا مَعَ الصَّابِرِينَ، وَادعُوا اللهَ أَن يُفرِغَ عَلَى إِخوَانِكُمُ المُؤمِنِينَ المُستَضعَفِينَ صَبرًا وَأَن يُثَبِّتَ أَقدَامَهُم وَيَنصُرَهُم عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ. فَإِنَّهُ - تَعَالى - قَد نَصَرَ الفِئَةَ القَلِيلَةَ الصَّابِرَةَ عَلَى الكَثِيرَةِ البَاغِيَةِ (فَهَزَمُوهُم بِإِذنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ المُلكَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَولا دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضلٍ عَلَى العَالمِينَ) [البقرة: 251- 252].الخطبة الثانية:أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم، فَإِنَّهُ - تَعَالى - الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، يُعِزُّ مَن يَشَاءُ بِأَن يَهدِيَهُ وَيَشرَحَ صَدرَهُ لِلإِسلامِ، فَيُقبِلَ عَلَى طَاعَتِهِ وَيَأنَسَ بِالقُربِ مِنهُ، وَيُوَفِّقَهُ لِلعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُربى، وَيُذِلُّ مَن يَشَاءُ بِأَن يَكِلَهُ إِلى نَفسِهِ فَيَجحَدَ رَبَّهُ وَيَكفُرَ بِهِ، وَيُعرِضَ عَن طَاعَتِهِ وَيَستَكبِرَ وَيَستَنكِفَ، وَيَستَوحِشَ بِالبُعدِ عَنهُ، فَيَكُونَ ظَالِمًا بَاغِيًا مُتَجَاوِزًا.وَإِنَّ في اعتِلاءِ حُكَّامٍ فِيمَا مَضَى وَنُزُولِ آخَرِينَ، وَارتِفَاعِ رُؤَسَاءَ وَانخِفَاضِ كُبَرَاءَ، ومَوتِ مَن مَاتَ وَسَجنِ مَن سُجِنَ، إِنَّ في ذَلِكَ لأَكبَرَ العِبَرِ وَأَعظَمَ الدَّلائِلِ عَلَى كَونِ مُلكِ هَذِهِ الدُّنيَا قَصِيرًا وَإِنْ طَالَ، حَقِيرًا وَإِنْ تَعَاظَمَ، قَلِيلاً وَإِنْ تَكَثَّرَ، فَكَيفَ بما دُونَهُ مِن وِزَارَاتٍ أَو رِئَاسَةِ إِدَارَاتٍ، أَو مُلكِ أَموَالٍ وَأَسهُمٍ وَعَقَارَاتٍ، بَل كَيفَ بِدَرَاهِمَ مَعدُودَةٍ وَفُتَاتٍ، فَهَنِيئًا لِمَن أَطَالَ الفِكرَةَ فَأَخَذَ العِبرَةَ، وَأَدَامَ النَّظَرَ فَاعتَبَرَ، وَيَا لَخَسَارَةِ مَنِ اغتَرَّ وَافتُتِنَ، فَبَاعَ بَاقِيًا بِفَانٍ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ – فَـ (إِنَّ الأَرضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128] (وَلَقَد كَتَبنَا في الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105].وَأَمَّا في يَومِ القِيَامَةِ فَإِنَّ المُلكَ كُلَّهُ للهِ، قَالَ - تَعَالى -: (يَومَ هُم بَارِزُونَ لا يَخفَى عَلَى اللهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ) [غافر: 16]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (إِنَّا نَحنُ نَرِثُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَإِلَينَا يُرجَعُونَ) [الأنبياء: 40].وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ وَغَيرِهِ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: «يَطوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ، ثم يَأخُذُهُنَّ بِيَدِهِ اليُمنى، ثم يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟ ثم يَطوِي الأَرَضِينَ، ثم يَأخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ، ثم يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟».اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ أَن تُوقِظَ قُلُوبَنَا مِن رَقَدَاتِ الغَفلَةِ، وَأَن تَغفِرَ لَنَا الذَّنبَ وَالزَّلَةَ، اللَّهُمَّ ارحَمْ مَن مَاتَ مِن وُلاتِنَا عَلَى الحَقِّ، اللَّهُمَّ وَوَفِّقِ الأَحيَاءَ لما تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِم لِلبِرِّ وَالتَّقوَى، اللَّهُمَّ وَاجعَلْهُم هُدَاةً مُهتَدِينَ، غَيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ، سِلمًا لأَولِيَائِكَ، حَربًا عَلَى أَعدَائِكَ، يُحِبُّونَ بِحُبِّكَ مَن أَحَبَّكَ، وَيُعَادُونَ بِعَدَاوَتِكَ مَن عَادَاكَ، اللَّهُمَّ وَارزُقْهُمُ البِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، الَّتي تَدُلُّهُم عَلَى الخَيرِ وَتُعِينُهُم عَلَيهِ، وَجَنِّبْهُم بِطَانَةَ الفَسَادِ وَالسُّوءِ وَالفِتنَةِ يَا رَبَّ العَالمِينَ. الشيخ - عبد الله بن محمد البصري
قل اللهم مالك الملك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – (بَلَى مَن أَوفى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [آل عمران: 76].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: كُلَّ يَومٍ يَعِيشُهُ العَاقِلُ في هَذِهِ الحَيَاةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّمُ جَدِيدًا وَيَكتَسِبُ مُفِيدًا، وَالكَيِّسُ مِنَ النَّاسِ مَنِ اعتَبَرَ بما غَبَرَ، وَالفَطِنُ مَن أَخَذَ مِنَ المَاضِي دُرُوسًا لِلحَاضِرِ، وَعَمِلَ بما يُنجِيهِ يَومَ التَّلاقِ (يَومَ هُم بَارِزُونَ لا يَخفَى عَلَى اللهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ. اليَومَ تُجزَى كُلُّ نَفسٍ بما كَسَبَت لا ظُلمَ اليَومَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ) [غافر: 16- 17].


عِبَادَ اللهِ: في شُهُورٍ مَضَت فِيمَا بَينَ العَامِ وَالعَامَينِ وَلا تَزِيدُ، تَوَالَت عَلَى عَالَمِنَا العَرَبيِّ وَالإِسلامِيِّ أَحدَاثٌ جِسَامٌ، وَمَرَّت بِهِ تَغَيُّرَاتٌ عِظَامٌ، سَقَطَت حُكُومَاتٌ وَقَامَت حُكُومَاتٌ، وَتَولىَّ المُلكَ رِجَالٌ وَسَقَطَ رِجَالٌ، وَمَاتَ حُكَّامٌ وَقُتِلَ رُؤَسَاءُ، وَأَمِنَت دُوَلٌ وَخَافَت دُوَلٌ، وَتَحَرَّرَت شُعُوبٌ وَاستُعبِدَت شُعُوبٌ، فَسُبحَانَ اللهِ الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ! سُبحَانَ مَن لا يَحُولُ وَلا يَزُولُ !


سُبحَانَ الحَيِّ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ (إِنَّمَا أَمرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. فَسُبحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ) [يس: 82- 83]، (فَسُبحَانَ اللهِ رَبِّ العَرشِ عَمَّا يَصِفُونَ. لا يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلُونَ) [الأنبياء: 22- 23]

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. تُولِجُ اللَّيلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيلِ وَتُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 26- 27]، هَذَا شَأنُ اللهِ في خَلقِهِ، وَذَلِكُم تَدبِيرُهُ في مُلكِهِ، لا رَادَّ لما قَضَى، وَلا مَانِعَ لما أَعطَى، وَلا مُعطِيَ لما مَنَعَ، وَلا رَافِعَ لما خَفَضَ وَلا خَافِضَ لما رَفَعَ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: إِنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ العَظِيمَةَ، كَانَت وَمَا زَالَت وَلَن تَزَالَ إِلى أَن يَرِثَ اللهُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا، وَمَن قَرَأَ كِتَابَ اللهِ وَفَقِهَهُ، وَوَعَى التَّأرِيخَ وَتَأَمَّلَ أَحدَاثَهُ، وَجَدَ مِن ذَلِكَ مَا يَملأُ قَلبَهُ يَقِينًا بِأَنَّهُ لا بَقَاءَ إِلاَّ للهِ، وَلا مَالِكَ حَقِيقِيَّ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّهُ لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لا شِدَّةٌ تَدُومُ وَلا رَخَاءٌ (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لأُولي الأَبصَارِ) [النور: 44].


عَاشَ آدَمُ وَزَوجُهُ في الجَنَّةِ مَا شَاءَ اللهُ لهما أَن يَعِيشَا، ثم أَنزَلَهُمَا اللهُ إِلى الأَرضِ لِحِكمَةٍ يَعلَمُهَا، وَعَلَى هَذِهِ الأَرضِ انتَشَرَ بَنُوهُمَا وَتَكَاثَرَ نَسلُهُم، وَابتُلُوا بِالشَّرِّ وَالخَيرِ، وَجُعِلَ بَعضُهُم لِبَعضٍ فِتنَةً، وَعَاشُوا في شَدٍّ وَجَذبٍ وَقُوَّةٍ وَضَعفٍ، يَرتَفِعُ بَعضُهُم حِقبَةً ثم يَقَعُ، وَيَعتَلِي آخَرُونَ حِينًا ثم يَهبِطُونَ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ.


وَلَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ مَا جَرَى لأَنبِيَاءِ اللهِ وَأَولِيَائِهِ وَأَصفِيَائِهِ مَعَ أَقوَامِهِم وَمَن حَولَهُم، لَوَجَدَ هَذِهِ السُّنَّةَ مَاضِيَةً جَارِيَةً، لا يَكَادُ زَمَانٌ يَخلُو مِن صِرَاعٍ بَينَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، وَلا مِن تَغلُّبِ جَانِبٍ وَانهِزَامِ جَانِبٍ، وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ، دَعَا نُوحٌ قَومَهُ مِئَاتِ السِّنِينَ، وَلم يَزدَادُوا إِلاَّ فِرَارًا، وَأَصَرُّوا وَاستَكبَرُوا استِكبَارًا، وَسَخِرُوا مِنهُ وَاستَهزَؤُوا بِهِ، ثم كَانَتِ الغَلَبَةُ لَهُ عَلى سَفِينَةٍ صَنَعَهَا بِيَدِهِ، فَجَرَت في مَوجٍ كَالجِبَالِ تَحتَ عَينِ اللهِ، حَتى (قِيلَ يَا نُوحُ اهبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّن مَعَكَ) [هود: 48].


وَحَاوَلَ قَومُ إِبرَاهِيمَ قَتلَهُ، وَرَمَوهُ في النَّارِ لِحَرقِهِ، فَقَاوَمَهُم وَحدَهُ وَهَاجَرَ إِلى رَبِّهِ (فَأَنجَاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ) [العنكبوت: 24].


وَأُرسِلَ هُودٌ إِلى عَادٍ، فَجَحَدُوا بِآيَاتِ اللهِ وَعَصَوا رُسُلَهُ، فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ (وَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَنَجَّينَاهُم مِن عَذَابٍ غَلِيظٍ) [هود: 58].


وَبَعَثَ اللهُ في ثمودٍ صَالحًا، فَمَا زَالُوا في شَكٍّ ممَّا جَاءَهُم بِهِ وَرِيبَةٍ، حَتى أَخَذَهُمُ اللهُ بِالصَّيحَةِ (فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ. وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا في دِيَارِهِم جَاثِمِينَ. كَأَن لم يَغنَوا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمُودَ) [هود: 66- 68].


وَأَمَّا لُوطٌ فَبُعِثَ في قَومٍ أُشرِبُوا في قُلُوبِهِم حُبَّ الفَوَاحِشِ وَالعُدُولَ عَنِ الفِطرَةِ السَّوِيَّةِ إِلى الشَّهوَةِ البَهِيمِيَّةِ (فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا جَعَلنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمطَرنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِن سِجِّيلٍ مَنضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود: 82- 83].


وَأَمَّا شُعَيبٌ فَأُرسِلَ إِلى أَهلِ مَديَنَ، فَأَبَوا إِلاَّ التَّعَلُّقَ بِدُنيَاهُم وَتَفضِيلَهَا عَلَى مَا عِندَ اللهِ، وَاستَهزَؤُوا بِشُعَيبٍ وَبِصَلاتِهِ، فَحَذَّرَهُم وَقَالَ لهم: (وَيَا قَومِ لا يَجرِمَنَّكُم شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِثلُ مَا أَصَابَ قَومَ نُوحٍ أَو قَومَ هُودٍ أَو قَومَ صَالِحٍ وَمَا قَومُ لُوطٍ مِنكُم بِبَعِيدٍ) [هود: 89] فَمَا ازدَادُوا إِلاَّ عُتُوًّا وَاستِكبَارًا، فَأَصَابَهُم مَا أَصَابَ مَن قَبلَهُم (وَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا شُعَيبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا في دِيَارِهِم جَاثِمِينَ. كَأَن لم يَغنَوا فِيهَا أَلا بُعدًا لِمَديَنَ كَمَا بَعِدَت ثَمُودُ) [هود: 94- 95].


وَهَكَذَا حَدَثَ لِمُوسَى وَقَومِهِ مَعَ فِرعَونَ الَّذِي (عَلا في الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَهَا شِيَعًا يَستَضعِفُ طَائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبنَاءَهُم وَيَستَحيِي نِسَاءَهُم إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفسِدِينَ) [القصص: 2] فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ - تَعَالى - أن يَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا في الأَرضِ وَيَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَيَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ وَيُمَكِّنَ لَهُم في الأَرضِ وَيُرِيَ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُم مَا كَانُوا يَحذَرُونَ، لَمَّا أَرَادَ اللهُ ذَلِكَ، دَبَّرَ - سُبحَانَهُ - بِحِكمَتِهِ لِمُوسَى أَلطَفَ التَّدَابِيرِ، وَوَقَاهُ كَيدَ فِرعَونَ وَقَومِهِ، بَل وَقَدَّرَ لَهُ العَيشَ في بَيتِ ذَلِكُمُ الطَّاغِيَةِ وَتَحتَ كَنَفِهِ وَكَفَالَتِهِ، لِيَكُونَ لَهُ بَعدَ ذَلِكَ عَدُوًّا وَحَزَنًا، حَتى إِذَا أَرَادَ - سُبحَانَهُ - نَصرَ المُستَضعَفِينَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: (فَانتَقَمنَا مِنهُم فَأَغرَقنَاهُم في اليَمِّ بِأَنَّهُم كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنهَا غَافِلِينَ. وَأَورَثنَا القَومَ الَّذِينَ كَانُوا يُستَضعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتي بَارَكنَا فِيهَا وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ الحُسنى عَلَى بَني إِسرَائِيلَ بما صَبَرُوا وَدَمَّرنَا مَا كَانَ يَصنَعُ فِرعَونُ وَقَومُهُ وَمَا كَانُوا يَعرِشُونَ) [الأعراف: 136- 137].


وَللهِ - تَعَالى - في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَولِيَاءُ وَأَعدَاءٌ يَدفَعُ بِبَعضِهِم بَعضًا، وَقَد قَصَّ عَلَينَا في كِتَابِهِ كَثِيرًا مِن أَنبَائِهِم لِنَتَّعِظَ وَنَعتَبِرَ (ذَلِكَ مِن أَنبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيكَ مِنهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ. وَمَا ظَلَمنَاهُم وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم فَمَا أَغنَت عَنهُم آلِهَتُهُمُ الَّتي يَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيءٍ لَمَّا جَاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُم غَيرَ تَتبِيبٍ. وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَومٌ مَجمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَومٌ مَشهُودٌ) [هود: 100- 103].


أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا يَغتَرَّنَّ قَوِيٌّ بِقُوَّتِهِ، وَلا يَيأَسَنَّ ضَعِيفٌ لِضَعفِهِ، وَاعتَبِرُوا فَقَد قَرَأتُم وَسَمِعتُم، بَل وَرَأَيتُم وَشَهِدتُم، فَخُذُوا العِبرَةَ قَبلَ أَن تَكُونُوا عِبرَةً، وَكُونُوا مَعَ الصَّابِرِينَ، وَادعُوا اللهَ أَن يُفرِغَ عَلَى إِخوَانِكُمُ المُؤمِنِينَ المُستَضعَفِينَ صَبرًا وَأَن يُثَبِّتَ أَقدَامَهُم وَيَنصُرَهُم عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ. فَإِنَّهُ - تَعَالى - قَد نَصَرَ الفِئَةَ القَلِيلَةَ الصَّابِرَةَ عَلَى الكَثِيرَةِ البَاغِيَةِ (فَهَزَمُوهُم بِإِذنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ المُلكَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَولا دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضلٍ عَلَى العَالمِينَ) [البقرة: 251- 252].



الخطبة الثانية:

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم، فَإِنَّهُ - تَعَالى - الَّذِي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، يُعِزُّ مَن يَشَاءُ بِأَن يَهدِيَهُ وَيَشرَحَ صَدرَهُ لِلإِسلامِ، فَيُقبِلَ عَلَى طَاعَتِهِ وَيَأنَسَ بِالقُربِ مِنهُ، وَيُوَفِّقَهُ لِلعَدلِ وَالإِحسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُربى، وَيُذِلُّ مَن يَشَاءُ بِأَن يَكِلَهُ إِلى نَفسِهِ فَيَجحَدَ رَبَّهُ وَيَكفُرَ بِهِ، وَيُعرِضَ عَن طَاعَتِهِ وَيَستَكبِرَ وَيَستَنكِفَ، وَيَستَوحِشَ بِالبُعدِ عَنهُ، فَيَكُونَ ظَالِمًا بَاغِيًا مُتَجَاوِزًا.


وَإِنَّ في اعتِلاءِ حُكَّامٍ فِيمَا مَضَى وَنُزُولِ آخَرِينَ، وَارتِفَاعِ رُؤَسَاءَ وَانخِفَاضِ كُبَرَاءَ، ومَوتِ مَن مَاتَ وَسَجنِ مَن سُجِنَ، إِنَّ في ذَلِكَ لأَكبَرَ العِبَرِ وَأَعظَمَ الدَّلائِلِ عَلَى كَونِ مُلكِ هَذِهِ الدُّنيَا قَصِيرًا وَإِنْ طَالَ، حَقِيرًا وَإِنْ تَعَاظَمَ، قَلِيلاً وَإِنْ تَكَثَّرَ، فَكَيفَ بما دُونَهُ مِن وِزَارَاتٍ أَو رِئَاسَةِ إِدَارَاتٍ، أَو مُلكِ أَموَالٍ وَأَسهُمٍ وَعَقَارَاتٍ، بَل كَيفَ بِدَرَاهِمَ مَعدُودَةٍ وَفُتَاتٍ، فَهَنِيئًا لِمَن أَطَالَ الفِكرَةَ فَأَخَذَ العِبرَةَ، وَأَدَامَ النَّظَرَ فَاعتَبَرَ، وَيَا لَخَسَارَةِ مَنِ اغتَرَّ وَافتُتِنَ، فَبَاعَ بَاقِيًا بِفَانٍ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ – فَـ (إِنَّ الأَرضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128] (وَلَقَد كَتَبنَا في الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105].


وَأَمَّا في يَومِ القِيَامَةِ فَإِنَّ المُلكَ كُلَّهُ للهِ، قَالَ - تَعَالى -: (يَومَ هُم بَارِزُونَ لا يَخفَى عَلَى اللهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ) [غافر: 16]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (إِنَّا نَحنُ نَرِثُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَإِلَينَا يُرجَعُونَ) [الأنبياء: 40].


وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ وَغَيرِهِ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: «يَطوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ، ثم يَأخُذُهُنَّ بِيَدِهِ اليُمنى، ثم يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟ ثم يَطوِي الأَرَضِينَ، ثم يَأخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ، ثم يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ؟ أَينَ المُتَكَبِّرُونَ؟».


اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ أَن تُوقِظَ قُلُوبَنَا مِن رَقَدَاتِ الغَفلَةِ، وَأَن تَغفِرَ لَنَا الذَّنبَ وَالزَّلَةَ، اللَّهُمَّ ارحَمْ مَن مَاتَ مِن وُلاتِنَا عَلَى الحَقِّ، اللَّهُمَّ وَوَفِّقِ الأَحيَاءَ لما تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِم لِلبِرِّ وَالتَّقوَى، اللَّهُمَّ وَاجعَلْهُم هُدَاةً مُهتَدِينَ، غَيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ، سِلمًا لأَولِيَائِكَ، حَربًا عَلَى أَعدَائِكَ، يُحِبُّونَ بِحُبِّكَ مَن أَحَبَّكَ، وَيُعَادُونَ بِعَدَاوَتِكَ مَن عَادَاكَ، اللَّهُمَّ وَارزُقْهُمُ البِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، الَّتي تَدُلُّهُم عَلَى الخَيرِ وَتُعِينُهُم عَلَيهِ، وَجَنِّبْهُم بِطَانَةَ الفَسَادِ وَالسُّوءِ وَالفِتنَةِ يَا رَبَّ العَالمِينَ.


الشيخ - عبد الله بن محمد البصري




2013 - 2014 - 2015 - 2016



2014 2015rg hggil lhg; hglg;

 





  رد مع اقتباس
الإعجاب / الشكر
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

2014 2015قل اللهم مالك الملك


المواضيع المتشابهه للموضوع: 2014 2015قل اللهم مالك الملك
الموضوع
2014 2015قم بزيادة سرعة جهازك الى أقصى حد مع خاصية Disk Defragment الرائعة
حلى تاج الملك - حلويات شرقيه فاخره - طريقة عمل تاج الملك - حلويات العيد- حلى الشعيريه 2013 2014 2015
بني مالك 2013 2014 2015
قصة معبرة عن انس بن مالك رضى الله عنه
العاهل السعودي: أرجوكم أن تشيلوا لقب الملك عني لان الملك لله!


الساعة الآن 05:37 AM

الاتصال بنا - دريم كافيه - الأرشيف - إحصائيات الإعلانات - الأعلى

 



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By khloool

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

P.F.S. √ 1.1 BY: ! αʟαм ! © 2010

 

RSS - XML - HTML  - sitemap - sitemap2 - sitemap3 - خريطة المواضيع - خريطة الاقسام - nasserseo1 - nasserseo2

 

|
 

 
موقعكم تردد قناة اسماء بنات 2017 رمزيات صور رسائل