ضرر
الذنوب في القلوب، مثل ضرر السموم في الأبدان.
فما الذي أخرج الأبوين من الجنة، دار اللذة والنعيم إلى دار الآلام والأحزان ؟.
ما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء فلعنه، ومسخ ظاهره وباطنه فصورته أقبح صورة،
وبدله بالقرب بعدًا، وبالرحمة لعنة، وبالجنة نارًا تلظى ؟.
ما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رأس الجبال ؟.
وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى كأنهم أعجاز نخل خاوية ؟.
ما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم ؟.
إنها الذنوب، تحل بها النقم، ولا يرد بأسه عن الظالمين.
ما الذي رفع قرى لوط حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم،
ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم ؟.
ما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر،
ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق ؟.
[ تــوالد المعــاصي ]
= الحسنة تولد الحسنة، والمعصية تولد المعصية الأخرى، فكل واحدة تدعو لأختها أن تفعلها
حتى تكون صفات لازمة، وملكات ثابتة، لتواردها على القلب.
= لو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت،
وأحس من نفسه بأنه كسمك إذا فارق الماء مات،حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه.
= ولو عطل العاصي المعصية وأقبل على الطاعة،لضاقت عليه نفسه وضاق صدره، حتى يعاودها،
ولو من غير داعية لها أو لذة يجدها، بل الألم بمفارقتها [ فليجاهد ].
= لا يزال المحسن يعاني الطاعة ويألفها ويؤثرها، حتى يرسل الله برحمته عليه الملائكة
تؤزه إليها أزا، وتحرضه عليها،وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها.
= ولا يزال العاصي يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها،حتى يرسل الله إليه الشياطين،
فتؤزه إليها أزًا، فيقوي جند المعصية بالمدد ويكونوا أعوانا عليه.
[ آثــار المعـاصي ]
* من ألِفَ المعصية فإنه ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة،
فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه. حتى يفتخر بالمعصية، ويحدث بها.
* المعاصي مواريث، ومنها أن كل معصية من المعاصي هي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله.
فاللوطية: ميراث عن قوم لوط، والتكبر: ميراث قوم هود.
* إذا كانت المعاصي تفسد القلوب، وهي ميراث الأمم التي أهلكها الله،
فماذا سيكون حال العاصي ممن ورثها، غير العقاب والعذاب كحالها (والعياذُ بالله)
* العاصي يفوت بالمعصية من خير الدنيا والآخرة أضعاف أضعاف ما يحصل له من السرور واللذة بها،
ولو أصلح قلبه وعقل، ما عصى ربه وآثر زائلاً على باق.
[ تتمَّــة ]
تعظيم الرب سبحانه في القلب، يقتضي تعظيم حرماته،
وتعظيم حرماته يحول بين المؤمن وبين الذنوب.
فوقار الله وعظمته في القلب تمنعه من التجرأ على معاصيه .
:ta7a_411::ta7a_411::ta7a_411: