الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين،
نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين المزكين.
أما بعد:
فإن من كان في قلبه أدنى حياة، وطلب للعلم، أو نهمة للعبادة، ينبغي أن يكون أعظم شغله، وأجلَّ مقصوده، معرفة أسماء
الله تعالى الحسنى، وصفاته العلا، لأنه أشرف العلوم، وأفضلها منزلة، وأعلاها مكانة، وأجلُّها شرفًا، فهو الفقه الأكبر في الدين، وأسمى المراتب في كمال الإيمان واليقين، وذلك أن شرف العلم يعلو بشرف معلومه، ولا أشرف وأفضل من العلم بالله تبارك وتعالى، بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، التي جاءت في الآيات والسنة المطهَّرة، قال ابن القيم رحمه الله:
(من كان في قلبه أدنى حياة، أو محبة لربه عز وجل، وإرادة لوجهه الكريم، وشوقٍ إلى لقائه، فطلبه لهذا الباب وحرصه على معرفته، وازدياده من التبصُّر، وسؤاله، واستكشافه عنه: هو أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، وأجلّ غاياته، وليست القلوب الصحيحة، والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر، ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه، فإذا أشرقت على القلوب أنوار هذه الأسماء، اضمَحَلَّ عندها كل نور، ووراء هذا ما لا يخطر بالبال، ولا تناله عبارة).
فالعلم بأسمائه الحسنى المتضمِّنة للصفات العلا، هي الحياة الحقيقية، التي لا ألَذَّ ولا أجمل منها، (
ومن فقد هذه الحياة فَقَدَ الخيرَ كلَّه، ولو تعوَّض عنها بما تعوَّض من الدنيا، بل ليست الدنيا بأجمعها عوضًا عن هذه الحياة، فمن كل شيء يفوت عوضٌ، وإذا فاته الله، لم يُعوِّض عنه الشيء البتّة) ، لأنه كلما كانت المعرفة بها أتم، والعلم بها أكمل، كانت الخشية لله تعالى أعظم وأكثر، قال
الله العظيم: {
إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
وقد بشَّر سيِّد الأولين والآخرين صلى
الله عليه وسلم، بجنَّة عرضها السماوات والأرض، لمن أحصى لله تبارك وتعالى، تسعة وتسعين اسمًا من أسمائه الحسنى تعالى، فتسابق العلماء والعارفون، والصدِّيقون والصالحون، في كل زمان ومكان، إلى إحصائها، أملاً منهم في نيل الدرجات العلا، عند ربهم الأعلى.
وإن مما يؤسف له، أن أكثر المسلمين اليوم عن هذا الأمر غافلون، ومما يؤسف له كذلك، أن كثيرًا من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يتعبدون بأسماء لم تثبت عن الله جل وعلا، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما يتعبَّدون الله بأسماء انتشرت من غير دليل صريح، ولا سند صحيح، فإن كل الروايات التي سردت الأسماء الحسنى ضعيفة، لم يثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم شيء منها، وإنما هي اجتهادات مدرجة من بعض الرواة، وقد نقل غير واحدٍ من أهل العلم أن هذه الروايات كلها ضعيفة، وقد طبعت على شكل وريقات صغيرة، أو في لوحات تعلق على الجدران، مقتصرة على هذه الروايات الضعيفة.
ولما كان هذا الأمر في غاية الأهمية والخطورة، اجتهد علماء ربانيون في جمعها، من أدلة صريحة، ومن طرق صحيحة.
فاستعنت بالله جل وعلا أولاً وأخيرًا، في جمعها من مظانها من المصادر والمراجع، وشرحتها شرحًا مبسَّطًا، لا الطويل الممل، ولا القليل المخل، مبتدأ في بيان المعنى اللغوي لكل اسم، ثم بيان بعض معانيه الشرعية، ثم ذكر اقترانه مع أسماء أخر، وهذا أصعب وأدق ما في هذا الباب، ثم ذكر بعض جلاله، وثمراته، فما كان صوابًا فمن
الله تعالى، وما كان خطأً فمن نفسي ومن الشيطان، والله تعالى آمل أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزق كاتبه، وقارئه، وناشره، وكل من ساهم في نشره، مرافقة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى الفردوس، (اللهم آمين).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين :ta7a_411:
(
باذن
الله س اطرح كل يوم اسم ل اسماء
الله واشرحه بكل ما يحتويه
كونو ب القرب
):ta7a_572: