ملائكي ... 2013 2014 2015
- - - - - - -
www.dream-cafeh.net
- - - - - - -
ملائكي ...
حصريا على دريم كافيه
2013 - 2014 - 2015 - 2016
صورة: http://up.ta7a.com/t7/qzQ77524.gif (http://vb.ta7a.com) كانت وحيدة..حزينة..متوترة..ثم ماذا في إمكان قلب فخخه القدر أن يفعل..! ...
كانت وحيدة..حزينة..متوترة..ثم ماذا في إمكان قلب فخخه القدر أن يفعل..!
بين عالمين..تنشطر وتعيش...من تلقاء نفسها مرغمة...
مرغمةٌ على هذا وذاك..طوعا تزج بنفسها في الممرات الضيقة.
بعد أن عقدت قرانها على التصدي...تكفلت الحياة بطقوس إستسلامها...
ومع إشعاعات الحزن المتمرس على إذلالها، بدت خيوط الوهن تنمو في ملامحها..
ترتدي معطف الصمت في كل مواجهة وجودية..إنها مندهشة جدا من عمرها القصير،
الطويل بمآسيه..ترى الفرح كشبح بعيد يختفى تحت خيوط باهتة للغفلة.
في الغرفة الموصدة،كانت تفكر بعنف..كما لو أنها لم تفكر من ذي قبل...
طالما إفتعلت أسلوب التفكير...خشية أن تهاجمها الوحوش في عينيها..
فيسألها إبنها الوحيد كالعادة:
ما سبب بكائك أمي..؟
إنها أكثر التجارب ألما وحرقة...يا لسيادية سؤال ألقى بالإجابات في سجن عبوديته..
وألقى بها في قفص الإنتظار...إنتظار سقوطها الأخير.
لا مطلب لها غير إستعمال لغة الإشارة حينها...فجوفها أضحى جامدا جافا من أي تعبير..
لا طاقةَ لها لتتحمل النزعات الإقطاعية لذاك التيه الوجداني..
لطالما أدخلها في حلقات مجهولة،حلقات تغلق في وجهها كل نوافذ الكلام،
فتصبح متهمة بالصمت..ومن اليسير أن يُفهم صمتها على أنه ألم.
إبنها الذي ترى نفسها فيه.وتُراها معتقلة في براءته..
ينمو في كونها الذي تتسابقعواطفها إليه،راكضة خلفه وأمامه،من تحته وفوقه
ربما لأنها لا تملك شيئا غيره..
وربما لأنها تستمد قوتها لتستمر في التنفس بهواءِ حظوره الذي لا يقهر..
هاهو هناك..في الضفة الأخرى من قسمه الإبتدائي..
يشارك صديقه طاولة حبلى برؤس أقلام وضعها لتذّكر:أمي..ماما..أحبك
إنه جالس كحقيقةٍ غصة خُلقت من عدم..يُسقط على العالم صورة أمه...
ويستغيث بصوت جنته التي لا تقفل بابها في وجهه..ويقول لصاحبه الذي لم ينضج بعد:
في كل يوم أعود للمنزل،أجد الأحاسيس الدامية لأمي منهوكة متعبة من فرط الدموع..
أترى شأن أمك..؟
يجيبه وهو يحرك رأسه يمينا ويسرة...ينفي كما لو أنه يحتج على هذا السؤال اللامنطقي..
"بلا" الدالة على الحيرة
مع نفسه وسور تفكيره الدائري..إكتشف أن هناك ما يدعوه للقلق...
هناك ما يخبره أن شيئا سينهار..إنه متشرد بنجاح مع نوايا تُبشره بالخطر
هذا عقل الصغير وقد إخترقه الهم القمعي على صدر إنسانة تعني له كل الأمال..
يختصرها خارج الأشياء فلا شيء غدى يشبهها..وحدها من تشبه نفسها في نظره.
قرر كمواطن في قلبها أن يصارحها بذعره الذي لا يعرف من أين أتى...
وأن ينشر غسيل وسواسه فيها، عسى ثمة ما ينسف هذا الخناس فيه
هي هناك،في تلك الغرفة المظلمة و بذاك الشكل التصعيدي للمواقف الجارحة..
بين فكي ألم أعمى لا يخطو دونها.....شهر آخر من البكاء الصامت دونما ذنب
كان آخر لقاء لها مع الفرح..عندما أحست بألم في مؤخرة رأسها لا يبارح مكانه...
فدعتها الضرورة ونصيحة الجارات لزيارة مستشفى الفقراء للبحث عن حل جاهز
بعد تشريح حالتها..أخبرها الطبيب أنها في صراع للبقاء....
تحدث لها عن مرض أقوى منها...والبقاء للأقوى...النتيجة محسومة إذن.
حملت جسدها الذي ما عاد يحتملها..
وعادت لغرفتها هناك لتنتظر قدرها غير عابئة بما قيل لها من طرف ذاك الطبيب الذي تآمر عليها
قال لها بنصف أمل لن يكتمل...نتوقع أن تتماثلي لشفاء..
كانت على خدِّ واقعها متيقنةٌ أن لا سبيل تتوقعه فوق العادة..
إنكسرت العلاقة بكثير من اللاثقة
فأكثر الهدايا إيلاما ما ساقه إليهم عبد فقير...يتحكمون فيه..بل يقررون نيابة عنه..
وتصبح أعضاءه مرشحة للإستئصال واحدة تلو أخرى..وفي النهاية لا شيء يتحقق غير الموت
لماذا إذن نموت أكثر من مرة...
لماذا نهرب من قدرنا المجهز خصيصا لنا..؟
هذا ما فكرت فيه..
وعليه إعتزلت الرغبة بـ إعادة النظر في حياتها من طرف أطباءٍ مصاصي المال والآمال..
ما أقلَّ جدواها وهي تقطع تذكرتها نحو المقصلة
إبنها الوريث الشرعي الوحيد لخيباتها...ها هوذا يفتح الباب راجعا من مدرسته..
يبحث عنها في الأرجاء..ينادي عليها:أمي أمي..أين أنت؟
تحاول النهوض لتستقبله على الأقل بإبتسامة مصطنعة..
على الأقل بعناق يهزم حُراس وحدتها...يهرول إليها بقدمين لم يكتسبا توازنها بعد..
وتُسرع إليه بقلبها الذي إحترق إشفاقا عليه
يجدها بين جدران هزيمتها..تجده بين ثلثي وُجدها...
يضمها بيديه الصغيرتين ليقبلها هو ومحفظته التي لم يركنها جانبا بعد..
تجذبه بأضافر دفئها في منعطف جرحها كي لا تنهار بالدموع من جديد
يحس برغبة غامضة في البكاء..تشعر بشيء يخلق بداخلها يحاول كشف تناقضها..
تِلوث شيء منها..سرعان ما سيكشفه سؤال صغيرها:
ماذا حل بك أمي.
من ذا الذي جعلك هكذا شقية برؤيتي لا طعم لك في كل شيء..؟
ببالغ مشقة..إخترعت لنفسها تعابير وجه جديدة حتى تُبعد عنها الشبهات..
وحتى لا تشكك طفلها بها، وما تقاسيه من مطاردة لتعاسة.
لا بني..فقط أنا متعبة قليلا مني..لا تنشغل بي فسرعان ما سأتحسن..
سرعان ما سأتماثل لشفاء من خيباتي..سرعان ما سيكتفي القدر مني..
ويريحني من كل هذا إلا منك.
كأنها تمشي فوق تابوت سينفتح من تحت قدمها في أي لحظة...
قشعريرة باردة تغمرها من أقصى لأقصى..تجوب كيانها لتختبر تماسكها...
أخيرا على منصة الدمع سقطت تهوي
رفع رأسه الصغير المهيأ لصّدمات، وجد الدّمع ينهمر رذاذا حارقا..
ليس مجددا أمي أرجوك..
تحاول الثبات والتماسك.. وهل يمكن أن تقاوم تطرف جغرافية الوجع..
إنه في إتساع كوني على حساب مملكة سعادة إفتراضية لم تشيَّد بعد...
يمسح دموعها بيديه الصغيرتين..بحق اليقين دمغ شكه المبتدأ..تأكد أنه شيئا ما لغَّم حياة أمه..
شيء ما ليس على ما يرام فيها..إختصر سؤاله بكلام لا يذهب لشيء آخر غير الحتف:
لا تتركيني وحيدا هنا..خذيني معك أينما ذهبت..؟
إندهشت من تعبيره..خافَت عليه من نفسها..
فحاولت طمأنته بمعانقة عنيفة كسرت كل قيود الصبر فيها
ثم حاولت ترطيب الأجواء حتى تترفع عن منزلتها في البكاء والدهشة من أسئلته القاسية العاتية عليها...
ماذا يريد إبني أن يصير في المستقبل:
أجابها ولم تكن تتوقع منه تلك الإجابة الحادة..
ولو كانت تعرف ما سألته..قالَ لها بإختصار يُـفقد للإختصار كلّ الحياة:
أريد أن نموتَ معا..؟
تفاجأت وصُدمت..
كيف لمنطقِ طفلٍ يحب الحياة أن تغشاه متمنيات الموت فجأة..؟
مفجعة إلى ذاك الحد أن ترى صغيرها يموت طفلا..هي التعيسة دوما..
ترى أحلامها باكراً تموت..كبرعم مداري مات في منتصف الدورة
بعد مرور كل التوقعات بالضبط شهرين..
كان المرض قد إشتد ضراوة وقساوة..يدخل عليها الطفل يسألها من جديد..
يلازم ضعفها..ويبحث عن موت يجمع كليهما.
وفي آخر يوم لها..كانت تمتلأ إشتياقا لرؤيته آخر نظرة، وهي ممدة على سرير مرضها..
تقبله فمن يدري..هل سيجد من يقبله فيما بعدها..
تنتظره عساه يدخل عليها فتودعه على إستعجال،
وتدعو له كما لو أنها تدعو على نفسها بحياة سعيدة مديدة..
بشغف تقاوم الموت حتى لا يخطف منها تلك اللحظة
إنه في قسمه وفي تلك الطاولة المهيأة للفقراء..يقول لرفيقه..
لا تنساني ولن أنساك..إن لم أحضر غدا،
فأعلم معلمي أني منشغل بشيء ما، لامرئي
دقت ساعة العودة للمنزل..خرج مسرعا كأنما هناك خطب كغير العادة سيقع..
إحساسه البدائي يجذبه ويدله لمزيد من السرعة..الأول تماما وصل قبل الآخرين
فتح الباب بإضطرار..هرول إليها ليلقي نظرة على حالها..
وحده من يعلم بوحدتها..ووحدها من تعلم بغربته...وجدها ممدة في الشطر الثاني للحياة
ضن أنها نائمة..يعمل جاهدا بحواسه لإيقاظها..ويردد:
ها أنا عدتُ يا أمي..إنهضي..أنا هنا معك..لا تنامي هكذا بالذات
بعدما إستنفذ كل قواه دون نتيجة..إحتمى خلف رجليه مسرعا نحو الباب ليطلب أحدهم،
ويستنجد به..كانت الدموع وحدها من تؤنسه
ما إن خرج مبتعدا باحثا عن طرف أخر يعمل منقذا لفاجعته..
حتى دهسته سيارة مذهولة لفرط سرعتها..ففارق الحياة في الحين..
إلتحق بها ليدنو منها ومن أبيه الذي مات قبل أن يولد...إنتهى
أحيانا يعيش بعضنا بجسد مبلل بالتعاسة...
وحدهم من نحب ويحبوننا من يدخلون مستنقع تعاستنا لإنقاذنا..وكلانا من يتحمل النتائج بعد هذا..
وحده هذا من يستحق لقب الخلود على مرآى الضمائر بعدهم.
2013 - 2014 - 2015 - 2016
lghz;d >>> 2013 2014 2015
|