بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-(( لا يعظمعليك بخل الناس ))كثيرًا ما نسمع من يقول: قصَّر فلان في حقي, ولم يعرف فلان قدري, وضاع جميلي عند فلان, ولم يثمر صنيعي عند فلان وفلانوكثير من الناس يشتكي كنود صديقه, أو جحود رصيفه, أو تنكر ربيب نعمتهفترى هؤلاء يلومون من لم يقضهم حق الزيارة, أو التحية أو الرفد, أو المواساةولا ريب أن نسيان الفضل, ومقابلة الإحسان بالإساءة؛ ثقيل على النفس، بل ربما كان ذلك سببًا في قطع الإحسان، كما قال عنترةنبئت عمرًا غير شاكر نعمتي والكفرُ مَخْبثة لنفس المنعمبل إنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس، وقد قال الله عزوجل لنبيه عليه الصلاة والسلام ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )ثم قال (وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو للأغنياء إذا أخذ منهم الزكاة وفي ذلك شكر لهم وتقدير لصنيعهم .ومع ذلك فإنه يجدر بمن أسدى معروفا، وقدم جميلاً أياً كان ألا ينتظر مقابله جزاء ولا شكورا، ولا حتى دعاء .وأن يستحضر – كذلك – أنه قد يوجد في الناس من هو لئيم الطبع، قليل الشكر، بل منهم من يحسد حتى من يحسن إليه .ولكن ليس بالضرورة أن يسمى تارك الشكر تاركاً للجميل، إذ قد يعترف بالجميل، ويضمر له المحبة والدعاء ولكن قد يكون مشغولاً بأمور تلهيه عن تقديم الشكر، أو رد الجميل . وقد يكون بارد الطبع، فقير المشاعر، فلا يعبر عن عواطفه المكنونة، وإن كان قلبه منطوياً على الشكر والعرفان .ولهذا فإن القياس قد لا ينضبط في هذا الباب، فقد تُقدِّم معروفاً واحداً لمجموعة من الناس، فيلقى أرضاً طيبة عند بعضهم، ولا يلقى شيئاَ من ذلك عند آخرين . وبالجملة فإنه يحسن بالعاقل توطين نفسه على أن يعطي لله, وألا ينتظر المقابل من الناس, و أن يكون عفاً عن كل ما في أيديهم أيًا كان ذلك؛ فإذا وطن نفسه على هذه الخطة فسيعيش في سرور ونعيم, وسيتقلب في رخاء وهناء, وسيكون عزيز الجانب, موفور الكرامة؛ فلا يعظمعليك -إذًا- بخل الناس, وتأمل هذه المقطوعة الجميلة التي تحوم حول هذا المعنى والتي جادت بها قريحة العلامة الأديب محمد الخضر حسينأسهر الليل وإن طال ومن يعشق المجد يلذ السهرالست ممن يفقد الأنس إذا أصبح الروض كئيبًا أغبرالست آسى إن مضى ليل وما صاحب زار ولا طيف سرىهو ذا الفكر يناجيني متى رمت أنسًا ضحوةً أو سحرايتسامى بي إلى أفق أرى في معاليه السُّها والقمرالي يراع كلما استهديته جال في الطِّرس وأهدى دررافليكن في الناس بُخْلٌ إنني لست ممن يشتكي بخل الورىمنقــــول من كتاب خواطرللشيخ/ محمد الحمد.************
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( لا يعظمعليك بخل الناس ))
كثيرًا ما نسمع من يقول: قصَّر فلان في حقي, ولم يعرف فلان قدري, وضاع جميلي عند فلان, ولم يثمر صنيعي عند فلان وفلان
وكثير من الناس يشتكي كنود صديقه, أو جحود رصيفه, أو تنكر ربيب نعمته
فترى هؤلاء يلومون من لم يقضهم حق الزيارة, أو التحية أو الرفد, أو المواساة
ولا ريب أن نسيان الفضل, ومقابلة الإحسان بالإساءة؛ ثقيل على النفس، بل ربما كان ذلك سببًا في قطع الإحسان، كما قال عنترة
نبئت عمرًا غير شاكر نعمتي والكفرُ مَخْبثة لنفس المنعم
بل إنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس، وقد قال الله عزوجل لنبيه عليه الصلاة والسلام ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )ثم قال (وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم)
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو للأغنياء إذا أخذ منهم الزكاة وفي ذلك شكر لهم وتقدير لصنيعهم .
ومع ذلك فإنه يجدر بمن أسدى معروفا، وقدم جميلاً أياً كان ألا ينتظر مقابله جزاء ولا شكورا، ولا حتى دعاء .
وأن يستحضر – كذلك – أنه قد يوجد في الناس من هو لئيم الطبع، قليل الشكر، بل منهم من يحسد حتى من يحسن إليه .
ولكن ليس بالضرورة أن يسمى تارك الشكر تاركاً للجميل، إذ قد يعترف بالجميل، ويضمر له المحبة والدعاء ولكن قد يكون مشغولاً بأمور تلهيه عن تقديم الشكر، أو رد الجميل .
وقد يكون بارد الطبع، فقير المشاعر، فلا يعبر عن عواطفه المكنونة، وإن كان قلبه منطوياً على الشكر والعرفان .
ولهذا فإن القياس قد لا ينضبط في هذا الباب، فقد تُقدِّم معروفاً واحداً لمجموعة من الناس، فيلقى أرضاً طيبة عند بعضهم، ولا يلقى شيئاَ من ذلك عند آخرين .
وبالجملة فإنه يحسن بالعاقل توطين نفسه على أن يعطي لله, وألا ينتظر المقابل من الناس, و أن يكون عفاً عن كل ما في أيديهم أيًا كان ذلك؛ فإذا وطن نفسه على هذه الخطة فسيعيش في سرور ونعيم, وسيتقلب في رخاء وهناء, وسيكون عزيز الجانب, موفور الكرامة؛ فلا يعظمعليك -إذًا- بخل الناس, وتأمل هذه المقطوعة الجميلة التي تحوم حول هذا المعنى والتي جادت بها قريحة العلامة الأديب محمد الخضر حسين
أسهر الليل وإن طال ومن يعشق المجد يلذ السهرا
لست ممن يفقد الأنس إذا أصبح الروض كئيبًا أغبرا
لست آسى إن مضى ليل وما صاحب زار ولا طيف سرى
هو ذا الفكر يناجيني متى رمت أنسًا ضحوةً أو سحرا
يتسامى بي إلى أفق أرى في معاليه السُّها والقمرا
لي يراع كلما استهديته جال في الطِّرس وأهدى دررا
فليكن في الناس بُخْلٌ إنني لست ممن يشتكي بخل الورى
منقــــول من
كتاب خواطر
للشيخ/ محمد الحمد.
************