.
.
.
سَمِعْتُ
بِأُذْنِ قَلْبِى صَوْتَ
لَهُ رَقْرَاقُ دَمْعٍ مُسْتَهَلِّ
تَقُولُ لأَهْلِهَا الفُصْحَى: أَعَدْلٌ
بِرَبِّكُمُ اغْتِرَابِى بَيْنَ أَهْلِى؟
أَلَسْتُ أَنَا الَّتِى بِدَمِى وَرُوحِى
غَذَتْ مِنْهُمْ وَأَنْمَتْ كُلَّ طِفْل؟
أَنَا الْعَرَبِيَّةُ المشْهُودُ فَضْلِى
أَأَغْدُوا الْيوْمَ،وَالمَغْمُورُ فَضْلِى؟
إِذَا مَا الْقَوْمُ بِاللُّغَةِ اسْتَخَفُّوا
فَضَاعَتْ، مَا مَصِيرُ الْقَوْمِ؟ قُلْ لِى
وَمَا دَعْوى اتِّحَادٍ فِى بِلاَدٍ
وَمَا دَعْوَى ذِمَارٍ مُسْتَقِلِّ؟
فَسَادُ الْقَوْلِ فِيهِ دَلِيلُ عَجْزٍ
فَهَلْ مَعَهُ يَكُونُ صَلاَحُ فِعْلِ؟
بُنَيَّاتِ الْحِمَى أَنْتُنَّ نَسْلِى
فَإِنْ تَنْكِرْنَنِى أَتَكُنَّ نَسْلِى؟
وَيَا فِتْيَانَهُ إِنْ أَخْطَأَتْنِى
مَبَرَّتُكُمْ، فَإِنَّ الثُّكْلَ ثُكْلِـى
يُحَارِبُنِى الأُولَى جَحَدُوا جَمِيلِى
وَلَمْ تَرْدَعْهُمُ حُرُمَاتُ أَصْلِى
وَفِى الْقُرْآنِ إِعْجَازٌ تَجَلَّتْ
حِلاَى بِنُورِه أَسْنَى تَجَلِّ
وَلِلْعُلَمَاءِ وَالأُدَبَاءِ فِيمَا
نَأَت غَايَاتُهُ مَهَّدْتُ سُبْلِى
إِذَا مَا كَانَ فِى كَلِمِى صِعَابٌ
فَلاَ تَأْخُذُ كَثِيرى بِالأَقَلِّ
وَهَلْ لُغَةٌ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا
تُعَدُّ بِوَفْرَةِ الْحَسنَاتِ مِثِلى؟
*
فيَا أُمَّ اللُّغَاتِ عَدَاكِ مِنا
عُقُوقُ مَسَاءَةٍ وَعُقوقُ جَهْلِ
لَكِ العَوْدُ الحَمِيدُ فأَنتِ شَمْسٌ
وَلَمْ يَحْجُبْ شُعَاعَكَ غَيْرُ ظِلِّ
دَعَوْتِ فهَبَّ مِنْ شَتَّى النَّوَاحِى
مَيَامِينٌ أُولُو حَزْمٍ وَنُبْلِ
بِرَأْىٍ فِيكِ يَكْفُلُ أَنْ تُرَدِّى
مُكَرَّمَةً إِلى أَسْمَى مَحَلِّ
يُنَوِّرُ شِعْرُهُمْ فِى كُلِّ وَادٍ
وَيُزْهُرُ نَثْرُهُمْ فِى كُلِّ حَقْلِ
وَ"طَهَ " فِى طَلِيْعَةِ مَنْ أَجَابُوا
يُهُيئُ نَهْضَةً فِى المُسْتَهَلِّ
بِمَوْفُورَيَةِ : مِنْ أَدَبٍ وَفَنٍ
وَيُحْيِى الحَرْثَ فِى حَزْنٍ وَسَهْلِ
وَيَبْعَثُ فٍى شَبَابِ العَصْرِ رُوحًا
هُوَ الرُّوْحُ الذِى يَبْنِى وَيُعْلِى
إِذَا مَا جَاوَلَ الْفُرْسَانَ جَلَّى
وَخَلَّفَ شُقَّةً دُوْنَ المُصَلِّى
فَكَيْفَ بِهِ إِذَا مَا شَنَّ حَرْبًا
عَلَى بِدْعِ الضَّلُولِ أَوِالمُضِلِّ؟
مما اعجبني
جبران خليل جبران