في ظل شيوع ظاهرة الطلاق تفاجأ كثير من الزوجات بطلاقهن غيابيا دون علمهن وقيام ازواجهن بالزواج باخريات، بل هناك من تفاجأ بأطفال بعد وفاة الزوج، والأخطر من هذا ان هناك بعض الأزواج يطلقون زوجاتهم دون علمهن ويعاشرنهن معاشرة الازواج، لتبدأ رحلة البحث عن الحقيقة هل هن متزوجات ام مطلقات؟ عن الحكم الشرعي للطلاق
الغيابي وأهم الأضرار المترتبة عليه يقول الدكتور حمدي صبح طه استاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر: إن الطلاق
الغيابي إما أن يكون باللفظ كأن يقول الرجل لزوجته "طالق" وإما ان يكون بالكتابة فإن كان باللفظ وهو حاضر فإنه واقع، وذلك لأن الطلاق يقع بارادة الزوج المنفرد فلا يشترط فيه ان يتلفظ به حضور زوجته ويدل علي ذلك ماروي من أن زوج فاطمة بنت قيس خرج مع الإمام علي بن أبي طالب الي اليمن فبعث اليها بتطليقة كانت بقيت لها فأتت النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: لا نفقة لك إلا تكوني حاملا ولما انتهت عدتها زوجها رسول الله من أسامة بن زيد، رواه مسلم.
ويري الجمهور ان وقوع الطلاق يكون منذ لحظة نطق الزوج به في حين ان الظاهرية يرون انه لا يقع إلا عند علم
الزوجة به، وبناء علي هذا الاختلاف فقد اختلف في بدء العدة فقيل بأنها منذ لحظة نطقه
بالطلاق وقيل بأنها من وقت علمها به، ونري ان الأول ارجح لأن العدة لا تحتاج الي نية من المرأة ولا قصد بدليل ان المرأة المجنونة المطلقة أو المغمي عليها إغماء مستمرا ونحوها لو طلقت فإن عدتها تنتهي بمرور مدة العدة، وأيضا لأن القول بأن العدة إنما تبدأ من بعد علم
الزوجة فيه اضرار بها من جهة إطالة العدة عليها، ولا يقال: إن ايقاع الطلاق
الغيابي إهدار لحق المرأة، لأن الطلاق تترتب عليه مسئوليات جسام كلها تقع علي كاهل الزوج ومنها مؤخر الصداق، ونفقة
الزوجة مدة العدة، ونفقة الأولاد مدة حضانتهم، والمتعة، ونفقات الزواج بأخري قد تكون كسابقتها أو اسوأ، وهذه المسئوليات الجسام تجعل الزوج لا يقدم علي الطلاق إلا عند الضرورة القصوي، ولو كان الطلاق باللفظ عن طريق الهاتف أو الانترنت أو نحوهما فإما أن يكون المتحدث الناطق بلفظ الطلاق الزوج أو وكيله أو غيرهما فإن كان الزوج أو وكيله فالطلاق واقع ويكون له نفس الأحكام السابق ذكرها، أما ان كان شخصا انتحل شخصية الزوج فلا طلاق.
اما الطلاق بالكتابة فإما أن يقصد بما كتبه طلاق زوجته وإما لا، فإن لم يقصد به طلاق زوجته فلا طلاق لأن الكتابة عمل والعمل لا يعتد به إلا بالنية لقول رسول الله (إنما الأعمال بالنيات). أما ان قصد بما كتبه طلاق زوجته فإما ان يرسله الي زوجته وإما ألا يرسله اليها فإن لم يرسله اليها فلا طلاق وذلك لما روي عن الحسن والشعبي وقتادة في رجل كتب بطلاق امرأته ثم محاه فقالوا: ليس بشيء إلا أن يمضيه أي يرسله، وإن ارسله اليها فعليها ان تتأكد من زوجها انه مرسل تلك الرسالة فأن أكد لها ذلك فالطلاق واقع وان انكر فلا طلاق لان صدور الرسالة عنه غير مؤكد لاحتمال ان مرسلها شخص آخر انتحل شخصية الزوج، والطلاق
الغيابي وان كان يقع منه ماذكرنا إلا أنه يجب علي الزوج أن يبادر الي اعلام زوجته به حتي يتسني لها القيام بما يجب عليها عندئذ وحتي يعطيها مالها من حقوق كالمتعة ومؤخر الصداق وغير ذلك وإلا كان طلاقه إياها تسريحا بغير احسان ومفارقة بغير معروف فإن لم يعلمها بما صدر منه من طلاق وعاشرها معاشرة الأزواج كان الأمر أشد سوءا والإثم عليه ولا شيء عليها.